الوعظ والتخويف ولا التناول باليد وجب حمل السلاح لأن الفريضة لا تسقط مع الإمكان إلا بزوال المنكر الذي لزم به الجهاد، إلا أنه لا يجوز أن يقصد القتال إلا وغرضه إنكار المنكر.
وأكثر أصحابنا على أن هذا النوع من إنكار المنكر لا يجوز الإقدام عليه إلا بإذن سلطان الوقت، ومن خالفنا جوز ذلك من غير الإذن مثل الدفاع عن النفس سواء.
فصل:
أما قوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، فقد أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما تقدم من قوله: ولتكن منكم أمة، ثم مدح على قوله والتمسك به كما مدح بالإيمان، وهذا يدل على وجوبهما.
وقد بينا اختلاف المفسرين والمتكلمين في قوله " منكم أمة " أنها للتبعيض أو للتبيين والأولى أن يكون للتبيين، والمعنى كونوا أمة تأمرون كقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون. ولا يصح الاستدلال على أنها للتبعيض بأن ذلك لا يصح إلا ممن علم المعروف والمنكر وعلم كيف يرتب الأمر في إقامته وكيف يباشر، وأن الجاهل ربما نهى عن معروف وأمر بمنكر، وربما يغلظ في موضع اللين ويلين في موضع الغلظة، وينكر على من لا يزيده إنكاره إلا تماديا لأن هذا كله من شرائطهما.
وشرائط وجوبهما ثلاثة: أن يعلم المعروف معروفا والمنكر منكرا، ويجوز تأثير إنكاره، ولا يكون فيه مفسدة.
فإن قيل: كيف يباشر إنكار المنكر؟
قلنا: يبتدئ بالسهل، فإن لم ينفع ترقي إلى الصعب لأن الغرض كف المنكر، قال تعالى: فأصلحوا بينهما، ثم قال: فقاتلوا.
فإن قيل: فمن يباشره؟
قلنا: كل مسلم تمكن منه واختص بشرائطه.
وقد أجمعوا أن من رأى غيره تاركا للصلاة وجب عليه الانكار لأن قبحه معلوم لكل