تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين، أي لا عذر لكم ألا تقاتلوا في سبيل الله وعن المستضعفين، أي لصرف الأذى عنهم، أي ما لكم لا تسعون في خلاصهم.
وقوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه، يدل على جواز المقاتلة مع النساء عند الاضطرار إلى ذلك.
فإن قيل: كيف قال: بمثل ما اعتدى عليكم، والأول جور والثاني عدل.
قلنا: لأنه مثله في الجنس وفي مقدار الاستحقاق لأنه ضرر كما أنه ضرر وهو على مقدار ما يوجبه الحق في كل جرم.
فإن قيل: كيف جاز قوله: إن الله لا يحب المعتدين، مع قوله: فاعتدوا عليه.
قلنا: الثاني ليس باعتداء على الحقيقة وإنما هو على سبيل المزاوجة، ومعناه المجازاة على ما بيناه، والمعتدي مطلقا لا يكون إلا ظالما فاعلا لضرر قبيح، وإذا كان محاربا فإنما يفعل ضررا مستحقا حسنا.
باب ذكر المرابطة:
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا.
اعلم أن المرابطة نوع من الجهاد وهي: أن يحبس الرجل خيله في سبيل الله ليركبها المجاهدون، وأن يعينهم على الجهاد مع الكفار بسائر أنواع الإعانة وفيها ثواب عظيم إذا كان هناك إمام عادل، ولا يرابط اليوم إلا على سبيل الدفاع عن الاسلام والنفس وهي مستحبة بهذا الشرط، وحدها ثلاثة أيام إلى أربعين يوما فإن زاد كان جهادا، والرباط ارتباط الخيل للعدو، والربط الشد، ثم استعمل في كل مقيم في ثغر يدفع عمن وراءه من أرادهم بسوء.
وينبغي أن يحمل قوله تعالى: ورابطوا، على المرابطة لأنه العرف وهو الطارئ على أصل وضع اللغة، ويحمل على انتظار الصلوات لما روي عن أمير المؤمنين ع في الآية، أي رابطوا الصلوات واحدة بعد واحدة، أي انتظروها لأن المرابطة لم تكن حينئذ، والمعنى اصبروا على تكاليف الدين في الطاعات وعن المعاصي.