يجوز ما دامت الحرب قائمة، ثم قال المرتضى: وليس يمتنع عندي أن يجوز قتالهم بسلاحهم على وجه لا يقع التملك له لأن ما منع من غنيمة أموالهم وقسمتها لا يمنع من قتالهم بسلاحهم لا على وجه التملك له كأنهم رموا حربة إلى جهة أهل الحق فيجوز أن يرموا بها على سبيل المدافعة والمقاتلة، فأما استدلال الشافعي بقوله ع: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه، فليس بصحيح لأنه إنما نفى تملك مال المسلمين وحيازته بغير طيب نفوسهم وليس كذلك المدافعة والممانعة، وقد استدل أصحاب أبي حنيفة على صحة ما ذهبوا إليه في هذه المسألة بقوله تعالى: فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، قالوا: فأباح القتال عاما وذلك يشتمل على قتالهم بدوابهم وسلاحهم وعلى قتالهم بدوابنا وسلاحنا، قال المرتضى: وهذا قريب.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: الصحيح ما ذهب السيد المرتضى رضي الله عنه إليه وهو الذي أختاره وأفتى به، والذي يدل على صحة ذلك ما استدل به رضي الله عنه وأيضا فإجماع المسلمين على ذلك وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك، وقد حكينا في صدر المسألة أقوال شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله في كتبه ولا دليل على خلاف ما اخترناه، وقول الرسول ع: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه، وهذا الخبر قد تلقته الأمة بالقبول ودليل العقل يعضده ويسنده لأن الأصل بقاء الأملاك على أربابها ولا يحل تملكها إلا بالأدلة القاطعة للأعذار.
والمحارب هو كل من قصد إلى أخذ مال الانسان وشهر السلاح في بر أو بحر أو حضر أو سفر فمتى كان شئ من ذلك جاز للإنسان دفعه عن نفسه وماله، فإن أدى ذلك إلى قتل اللص لم يكن عليه شئ وإن أدى إلى قتله هو كان بحكم الشهداء وثوابه ثوابهم هذا مع غلبة ظنه بأنه يندفع له وأنه مستظهر عليه، وأما إن غلب على ظنه العطب وأن اللص يستظهر عليه فلا يتعرض له بحال لأن التحرز من الضرر المظنون يجب كوجوبه من الضرر المعلوم، فأما حكم المحارب وحده فسنذكره إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود عند المصير إليه.
باب من زيادات ذلك:
يجوز للإمام أن يذم لجميع المشركين، فأما من عدا الإمام فلا يجوز له أن يذم