من إنفاذ حكم وهو من أهله أو إصلاح بين الناس أو فصل بين المختلفين فليفعل ذلك وله به الأجر والثواب ما لم يخف على نفسه ولا على أحد من أهل الإيمان ويأمن الضرر فيه، فإن خاف شيئا من ذلك لم يجز له التعرض له على حال، ومن دعا غيره إلى فقيه من فقهاء أهل الحق ليفصل بينهما فلم يجبه وآثر المضي إلى المتولي من قبل الظالمين كان في ذلك متعديا للحق مرتكبا للآثام مخالفا للإمام مرتكبا للسيئات العظام.
ولا يجوز لمن يتولى الفصل بين المختلفين والقضاء بينهم أن يحكم إلا بموجب الحق، ولا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف فإن كان قد تولى الحكم من قبل الظالمين بغير اختياره فليجتهد أيضا في تنفيذ الأحكام على ما تقتضيه شريعة الاسلام، فإن اضطر إلى تنفيذ حكم على مذهب أهل الخلاف بالخوف على النفس أو الأهل أو المؤمنين أو على أموالهم جاز له تنفيذ الحكم ما لم يبلغ ذلك قتل النفوس فإنه لا تقية له في قتل النفوس حسب ما أسلفنا القول في معناه.
ويجوز لأهل الحق أن يجمعوا بالناس للصلوات كلها، وقد روي: صلاة الجمعة والعيدين، ويخطبوا الخطبتين ويصلوا بهم صلاة الكسوف ما لم يخافوا في ذلك ضررا فإن خافوا في ذلك الضرر لم يجز لهم التعرض له على حال، وقد قلنا ما عندنا في صلاة الجمعة جمعة وأن ذلك لا يجوز في حال استتار الإمام لأن الجمعة لا تصح ولا تنعقد جمعة إلا بالإمام أو إذن من جهته وتوليته لذلك، فإذا فقدنا ذلك صليناها ظهرا أربع ركعات، وأشبعنا القول فيه في كتاب الصلاة وحررناه.
وقد ذكر سلار في رسالته في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: ولفقهاء الطائفة أن يصلوا بالناس في الأعياد والاستسقاء فأما الجمع فلا، هذا آخر كلامه وهو الأظهر.
ومن لا يحسن القضايا والأحكام في إقامة الحدود وغيرها لا يجوز له التعرض لذلك على حال، فإن تعرض له كان مأثوما معاقبا، فإن أكره على تولى ذلك واضطرته تقية لم يكن عليه في ذلك شئ ويجتهد لنفسه من الأباطيل بكل ما يقدر عليه، ولا يجوز لأحد أن يختار النظر من قبل الظالمين إلا في حال يقطع ويعلم أنه لا يتعدى الواجب ويتمكن من وضع الأشياء مواضعها ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن علم أنه يخل