وتجهيز جيوش وقتال، والثاني: أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية فأما إن كانوا معه في قبضته فليسوا أهل بغي، والثالث: أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم فأما من باين وانفرد بغير تأويل فهو قاطع طريق وحكمهم حكم المحاربين لا حكم البغاة.
ومن خرج على إمام جائر لم يجز قتالهم على حال فلا يجوز قتال أهل البغي إلا بأمر الإمام، ومن قاتلهم فلا ينصرف عنهم إلا بعد الظفر بهم أو يفيئوا إلى الحق ومن رجع عنهم من دون ذلك فقد باء بغضب من الله تعالى وعقابه عقاب من فر من الزحف.
وأهل البغي عند أصحابنا على ضربين: ضرب منهم يقاتلون ولا يكون لهم رئيس ولا أمير يرجعون إليه، والضرب الآخر يكون لهم أمير ورئيس يرجعون في أمورهم إليه.
فالضرب الأول كأهل البصرة وأصحاب الجمل والضرب الثاني كأهل الشام وأصحاب معاوية بصفين، فإذا لم يكن لهم رئيس يرجعون إليه فإنه لا يجاز على جريحهم ولا يتبع هاربهم ولا يسبى ذراريهم ولا يقتل أسيرهم، ومتى كان لهم رئيس يرجعون إليه في أمورهم كان للإمام أن يجيز على جريحهم وأن يتبع هاربهم وأن يقتل أسيرهم ولا يجوز سبي الذراري على حال.
ويجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر وتقسم على المقاتلة حسب ما قدمناه وليس له ما لم يحوه العسكر ولا له إليه سبيل على حال.
هذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته والجمل والعقود، ثم قال في مبسوطه: إذا انقضت الحرب بين أهل العدل والبغي إما بالهزيمة أو بأن عادوا إلى الحق وطاعة الإمام وقد كانوا أخذوا الأموال وأتلفوا وقتلوا نظرت فكل من وجد عين ماله عند غيره كان أحق به سواء كان من أهل العدل أو أهل البغي لما رواه ابن عباس أن النبي ع قال: المسلم أخ المسلم لا يحل له دمه وماله إلا بطيبة من نفسه، وروي: أن عليا ع لما هزم الناس يوم الجمل قالوا له: يا أمير المؤمنين ألا تأخذ أموالهم؟ قال: لا لأنهم تحرموا بحرمة الاسلام فلا تحل أموالهم في دار الهجرة، وروى أبو قبيس: أن عليا ع نادى من وجد ماله فليأخذه فمر بنا رجل فعرف قدرا نطبخ فيها فسألناه أن يصبر حتى ينضج فلم يفعل ورمى برجله فأخذها، قال رحمه الله: وقد روى أصحابنا: أن