قال شيخنا أبو جعفر في نهايته: يقومون في سهام المقاتلة ويعطي الإمام مواليهم أثمانهم من بيت المال.
والذي تقتضيه أصول المذهب وتعضده الأدلة وأفتى به أن ذلك إن قامت البينة به قبل القسمة رد على أصحابه بأعيانه ولا يغرم الإمام للمقاتلة عوضه شيئا، وإن كان ذلك بعد قسمة الغنيمة على المقاتلة رد أيضا بأعيانه على أصحابه ورد الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال لا يجوز غير ذلك لأن المشركين لا يملكون أموال المسلمين وتملكه من أربابه يحتاج إلى دليل، وقول الرسول ع: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه منه، والمسلم ما طابت نفسه بأخذ ماله.
وإلى ما اخترناه وحررناه يذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره فإنه قال بعد ما أورد أخبارا: والذي أعمل عليه أنه أحق بعين ماله على كل حال وهذه الأخبار على ضرب من التقية، ثم قال: والذي يدل على ذلك ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن علي بن رئاب عن طربال عن أبي جعفر ع قال: سئل عن رجل كانت له جارية فأغار عليه المشركون وأخذوها منه ثم إن المسلمين بعد غزوهم فأخذوها فيما غنموا منهم فقال ع: إن كانت في الغنائم وأقام البينة أن المشركين أغاروا عليهم وأخذوها منه ردت عليه وإن كانت اشتريت وخرجت من المغنم فأصابها ردت عليه برمتها وأعطي الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه، فإن لم يصبها حتى تفرق الناس وقسموا جميع الغنائم فأصابها بعد؟ قال: يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البينة ويرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن. هذا آخر كلام شيخنا في الاستبصار وإلى ما اخترناه يذهب في مسائل خلافه أيضا.
والأسارى فعندنا على ضربين: أحدهما أخذ قبل أن تضع الحرب أوزارها وينقضي الحرب والقتال فإنه لا يجوز للإمام استبقاؤه بل يقتله بأن يضرب رقبته أو يقطع يديه ورجليه ويتركه حتى ينزف ويموت إلا أن يسلم فيسقط عنه القتل، والضرب الآخر هو كل أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها فإنه يكون الإمام مخيرا فيه بين أن يمن عليه فيطلقه وبين أن يسترقه وبين أن يفاديه وليس له قتله بحال.
ومن أخذ أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معه ما يحمله عليه إلى الإمام فليطلقه لأنه