ولو قيل: إن لكل صلاة وقتا وللوقت أول وآخر كان صوابا جيدا، وإنما الخلاف بين أصحابنا في هل الوقتان لمكلف واحد أو لمكلفين؟ فالصحيح أن الوقتين لمكلف واحد إلا أن الصلاة في الوقت الأول أفضل من الوقت الأخير على ما قدمناه.
والذي يدل على ما اخترناه ويعضد ما قويناه بعد الاجماع قوله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار، يعني الفجر والعصر، وطرف الشئ ما يقرب من نهايته ولا يليق ذلك إلا بقول من قال: وقت العصر ممتد إلى قرب غروب الشمس لأن مصير ظل كل شئ مثله أو مثليه يقرب من الوسط ولا يقرب من الغاية والنهاية، ولا معنى لقول من حمل الآية على الفجر والمغرب لأن المغرب ليس هي في طرف النهار وإنما هي في طرف الليل بدلالة أن الصائم يحل له الإفطار في ذلك الوقت والإفطار لا يحل في بقية النهار، وأيضا قوله تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل، وغسق الليل عندنا انتصافه، فظاهر هذا الكلام يقتضي: أن وقت الظهر ابتداؤه من دلوك الشمس وهو زوالها وأنه يمتد إلى غسق الليل وخرج منه بالدليل والإجماع وقت غروب الشمس فبقي ما قبله. وأيضا ما روي عن النبي ص، أنه قال: إنما أجلكم في أجل ما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، فظاهر هذا القول يقتضي التناهي وقصر المدة، ولا يليق ذلك إلا بما اخترناه. ونظير هذا الخبر في إفادة قصر المدة ما روي من قوله ع: بعثت والساعة كهاتين، وأشار ص بالسبابة والوسطى. وأيضا ما روي: من أن النبي ص صلى الظهر في الوقت الذي صلى فيه العصر بالأمس وهذا يقتضي أن الوقت وقت لهما جميعا، ومن ادعى أن هذا الخبر منسوخ وأنه كان قبل استقرار المواقيت فقد ادعى ما لا برهان عليه. وأيضا ما رواه ابن عباس عنه ع: من أنه جمع بين الصلاتين في الحضر لا لعذر وهذا يدل على اشتراك الوقت، وليس لأحد أن يحمل هذا الخبر على أنه صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها لأن هذا ليس بجمع بين الصلاتين وإنما هو فعل كل صلاة في وقتها، وذكر العذر في الخبر يبطل هذا التأويل لأن فعل الصلاة في وقتها المخصوص بها لا يحوج إلى عذر ويدل أيضا على ما ذهبنا إليه ما روي عن النبي ص من قوله: من فاتته صلاة العصر حتى غربت الشمس فكأنما وتر أهله وماله، فعلق الفوات بغروب الشمس، وتعليقه به يدل