يجوز نقض الحكم بذلك للمقبولة وللارتكاز القائل بأن القضاء لفصل الخصومة وفي خصوص امتلاك المدعي للبينة بعد تحليفه للمنكر، وقد عرفت ورود النص الخاص الدال على سقوط حق المدعي.
ونستثني مما ذكرناه - من عدم العبرة بتبدل المقاييس - موردين:
الأول - ما لو أقر المحكوم له بعد الحكم بأن الحق كان مع خصمه، فهنا ينقض الحكم الأول، ويحكم للمقر له بلا إشكال، لأن الارتكاز المشار إليه غير موجود هنا ، والمقبولة لا تشمل المورد لأن الإقرار كأنه رفع لموضوع المرافعة، ويكون هذا سببا في أن لا يعد عرفا رد الحكم بعد إقرار الخصم عبارة عن عدم القبول بحكم القاضي، والاستخفاف به الذي هو استخفاف بحكم الله ورد على أهل البيت. فالمرجع إذن في مسألة نقض حكم الحاكم بحكم آخر في المقام هو دليل حجية الإقرار.
الثاني - موارد قاعدة (الغائب على حجته)، فإضافة إلى ما مضى في محلة من النص الخاص على هذه القاعدة نقول في المقام: إن هذه القاعدة ليست بحاجة إلى نص خاص، فإن الارتكاز الذي مضى غير موجود هنا، بل العقلاء هم يوافقون على هذه القاعدة، ودليل ذهاب يمين المنكر بحق المدعي غير وارد في فرض الغياب، والمقبولة المانعة عن رد الحكم تنصرف عرفا عن فرض إتيان الغائب بعد حضوره بحجة أقوى من حجة الخصم، ونكتة هذا الانصراف هي ارتكازية قاعدة (الغائب على حجته). إذن فالمرجع هو دليل حجية الحجة الأقوى التي جاء بها الغائب، مضافا إلى أن نفس ارتكازية القاعدة مع عدم وجود ما يصلح للردع لعلها كافية في ثبوت القاعدة.
بقي الكلام فيما إذا حكم القاضي وفق علمه بناء على حجية علم القاضي، فهل من حق المحكوم عليه أن يرفع النزاع إلى قاض آخر ليس له القطع بكون الحق مع الخصم الآخر؟ وهل من حق القاضي الآخر أن يقضي لصالح من حكم عليه