والاستدلال بهذا التعبير الوارد عن الشيخ في المشيختين يتوقف على افتراض أن مقصود الشيخ ليس هو الحوالة على خصوص فهارس الشيوخ التي يذكر فيها طرقهم إلى أصحاب الكتب والأصول، بل هو إشارة بنحو القضية الخارجية إلى ما يكون من أجلى مصاديقه مشيخة الصدوق، وإن كانت بحسب مدلولها اللفظي مشيخة لخصوص الروايات المذكورة في الفقيه، فإطلاق كلام الشيخ شامل لذلك.
وتقريب ذلك: أنه لم تكن لدى الأصحاب فهارس موسعة كي يكون كلام الشيخ إشارة إليها فحسب، ويشهد لذلك أن الشيخ أشار في أول فهرسته في مقام بيان ما دعاه إلى وضع فهرسته إلى: (عدم سعة فهارس الأصحاب عدا فهرستين لابن الغضائري الحسين بن عبيد الله: أحدهما فهرست للمصنفات، والآخر فهرست للأصول، ولكنهما تعرضا للتلف). وأما (رجال النجاشي) الذي هو فهرست من فهارس الأصحاب فهو متأخر في التأليف عن التهذيب والاستبصار بدليل أنه ذكرهما في كتابه عند ترجمة الشيخ، إذن في ظرف من هذا القبيل تعتبر مشيخة الصدوق المفصلة نسبيا من أجلى مصاديق ما يمكن أن تشير إليه إحالة الشيخ في المشيختين إلى فهارس الأصحاب رغم أن مشيخة الصدوق ليست فهرستا بالمعنى المصطلح، فإن لم نجزم بظهور من هذا القبيل لم يتم هذا الوجه. والإنصاف أن الجزم بهذا الظهور في غير محله.
وقد يقال: إن هذا الإطلاق حتى لو تم فهو معارض بقوله: " وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب فهرست الشيعة "، فإن ظاهر هذا التعبير أنه ذكر جميع طرقه في فهرسته، فالحديث الضعيف في مشيخته إن وجدنا سندا صحيحا له في فهرسته فلا حاجة إلى مراجعة مشيخة الصدوق، وإلا فمقتضى إخباره باستيفاء طرقه في الفهرست أنه لا يملك طريقا صحيحا إليه.