على التقية لا يشكل إشكالا في المقام، وإن كان إشارة إلى أن أصل قبول شهادة الصبي في الأمور الصغيرة مهجور عند الأصحاب، فهو لا يقول بكون الإعراض موجبا لانكسار السند، إلا إذا وصل الأمر إلى القطع بكذب هذا الحكم، وأن شهادة الصبي في الأمور الصغيرة غير نافذة، وعندئذ نكون في غنى أصلا عن البحث عن تعارض الأخبار بهذا الصدد وعلاجه، لعلمنا بالحكم.
ولا بأس بأن يقال في المقام: إن ما جاء في هذا الحديث بشأن المملوك - من جعله كالصبي، والتفصيل بشأنه بين الصغير والكبير - أمر غير محتمل لا عند الشيعة ولا عند السنة، ولا يعرف ما هو المقياس في تشخيص الصغير والكبير بالنسبة للمملوك، فإن المملوك لا يختلف عن الحر في التمييز والفهم، والحرية إن كانت شرطا في قبول الشهادة فهي شرط تعبدي من دون فرق في ذلك بين الشهادة في الصغير والشهادة في الكبير، وإن لم تكن شرطا في ذلك، إذن فشهادته مقبولة في الصغير والكبير، فهذه نقطة ضعف في الرواية قد توجب سلب الوثوق عن أصل الحديث، فيسقط عن الاستدلال على نفوذ شهادة الصبي في الأمور الصغيرة.
وقد يقال: إن إطلاق الروايات الماضية قاصر عن إثبات عدم نفوذ شهادة الصبي في الأمور الصغيرة، لأن غاية ما فيها هي نفوذ شهادة الصبي إذا شاهد عند الصغر ثم كبر وشهد، وهذا يدل بالمفهوم على عدم نفوذها إذا شهد قبل البلوغ، ولكن هذا المفهوم - حتى لو ثبت كونه من سنخ مفهوم الشرط، ونحن لا نقول بدلالة الشرط على المفهوم بنحو القضية الكلية - لا يدل إلا على القضية الجزئية، والمتيقن منها الشهادة في الأمور الكبيرة، فيبقى احتمال نفوذ شهادته في الأمور الصغيرة بلا دافع.
إلا أنه تبقى لنا دلالة القرآن الكريم في آية: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * وأدلة شرط العدالة بناء على دلالتها على عدم قبول شهادة الصبي باعتبار عدم تصور العدالة بشأنه، بل تبقى لنا من الروايات أيضا ما دل على عدم