الشهود فلا يدركون معناه، ولا يؤدون الشهادة فيه بالدقة الواجبة.
2 - والتصرف القانوني فوق ذلك هو الذي تستطاع تهيئة الدليل الكتابي عليه وقت وقوعه، ومن ثم كان اشتراط الكتابة لإثباته أمرا ميسورا.
أما الواقعة المادية فلا يقوم في شأنها أي من الاعتبارين المتقدمين، وقد عمد المشرع إلى الخطير من هذه الوقائع كالميلاد والموت فأوجب تسجيله بالكتابة على نحو خاص.
أما السبب في إباحة الإثبات بالبينة وبالقرائن في المسائل التجارية أيا كانت قيمة التصرف القانوني فهو ما يقتضيه التعامل التجاري من السرعة، وما يستلزمه من البساطة وما يستغرقه من وقت قصير في تنفيذه... (1).
وقد يبدو من عبارة السنهوري الماضية في أول البحث أن الإسلام أعطى المقام الأول في الإثبات إلى البينة لأجل غلبة الأمية وقتئذ، وهذا ما يكرس شبهة أعداء الإسلام القائلين بأن الإسلام كان دينا منسجما مع زمانه وقد انتهى وقت تنفيذ نظمه وقوانينه لتبدل الزمان والأوضاع.
ولكنه ذكر بعد ذلك ما يدل على أنه يرى أن النقص لم يكن في الإسلام، وإنما كان النقص في عصر التقليد في الفقه الإسلامي - على حد تعبيره -، ولا بأس بذكر نص عبارته بهذا الصدد. قال في تعليق له في الهامش على الفقرة رقم 189، في الجزء 2: " فالفقه الإسلامي لا يعتد بالكتابة اعتداده بالشهادة، فالشهادة عنده هي البينة التي لها المقام الأول في الإثبات، أما الكتابة فيحذر منها كل الحذر، لأن الخطوط - كما يقول الفقهاء - قابلة للمشابهة والمحاكاة، والواقع من الأمر أن الكتابة لم تكن في العصور الأولى التي ترعرع فيها الفقه الإسلامي منتشرة بين