بشخص آخر من الشيعة. وأما الآيات كقوله: * (إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) * - لو تم فيها إطلاق لقضاء التحكيم - فهي منصرفة بمناسبات الحكم والموضوع عن فرض كون القاضي غير منصوب وغير محكم من قبل الطرفين بأن كان محكما من طرف واحد، سنخ انصرافها من شخص غير منصوب وغير محكم من قبل أي واحد من الطرفين أفهل يقال: إن الآية تدل بإطلاقها مثلا على جواز ممارسة كل أحد للقضاء ما دام يحكم بالعدل سواء كان منصوبا من قبل ولي الأمر أو لا، وسواء رضي به أحد أو لا؟!!
وأما بالنسبة للقاضي المنصوب فيمكن توجيه الاستدلال على كون اختيار القاضي بيد المدعي بأخذ نكتتين بعين الاعتبار:
الأولى - أن يقصد بالمدعي من إذا ترك النزاع ترك، لا خصوص من عليه البينة، فمثلا لو طالب خصمه بدين له والخصم يدعي الوفاء، فالبينة على الخصم المدعي للوفاء لكن الذي يشكو إلى القاضي لمطالبة الحق إنما هو المنكر للوفاء.
الثانية - أن يقال: إن المفهوم عرفا من النصب للقضاء ليس مجرد إعطائه منصب فصل النزاع لو ترافعا عنده، بل إعطاؤه ذلك إضافة إلى حق جلب الخصم والتحقيق بشأن النزاع لو شكاه أحد ثم فصل النزاع.
وعندئذ يتم القول بأن المدعي بمعنى من سيرفع المخاصمة من حقه أن يختار لرفع المخاصمة أي قاض شرعي أراد، ولا يحق لصاحبه منعه عن ذلك، بل تجب عليه الاستجابة للتحقيق، ثم الخضوع للحكم، لأن من حق القاضي جره إلى ذلك.
وأما الاستشهاد بالآيات على المدعى فأمر غير مفهوم. وإن كان المقصود بذلك الإشارة إلى مثل آية * (إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) * بدعوى أن إطلاق ذلك بعد ضرورة تخصيصه بفرض رفع النزاع من قبل الشاكي