وتعرض في المتن لفرض التداعي قائلا:
" وأما إذا تداعيا فالمرجع في تعيين القاضي عند الاختلاف هو القرعة " (1).
وقال: في الهامش بصدد الاستدلال على ذلك ما لفظه:
" وذلك حيث إن كلا منهما مدع فلكل منهما الحق في تعيين الطريق لإثبات مدعاه، وليس للآخر منعه عنه، فلو عين أحدهما حاكما، والآخر حاكما آخر، ولا يمكن الجمع بينهما، فالمرجع في تعيين الحاكم هو القرعة " (2).
أقول: بالنسبة لقاضي التحكيم - لو آمنا به - يكون التعيين بيدهما معا، إذ أن نفوذ الحكم خلاف الأصل، وأدلة نفوذ حكم قاضي التحكيم لو تمت لا تشمل فرض ما إذا كان التحكيم من قبل أحدهما من دون رضا الآخر، فالإجماع والسيرة لو ثبتا كان من الواضح اختصاصهما بفرض التحكيم من كلا الطرفين. ودليل الوفاء بالشرط - أيضا - من الواضح اختصاصه بذلك، إذ لولا رضاهما معا لم يكن تشارط في المقام، والروايات أكثرها تختص بفرض رضاهما معا، وقصة عروة القتات تقول: " نجتمع عنده فنتكلم ونتسائل "، ولو فهم من ذلك القضاء فظاهره تراضي الكل، أو - على الأقل - لا إطلاق له لغير هذا الفرض. ورواية أبي بصير " في رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل...) واردة بشأن رفض هذا الخصم تحكيم صاحبه شخصا من الشيعة، وإصراره على تحكيم حاكم الجور، فلنفترض أننا فهمنا من ذلك قضاء قاضي التحكيم، لكن لا نظر لها إلى فرض ما إذا رفض هذا الخصم خصوص الشخص الذي عينه الخصم الآخر، وطالب