لنا قوله تعالى ﴿وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود﴾ (1) ولأن الاستقبال ليس إلى البنية بل إلى جهتها، وإلى كل جزء منها، وإلا لبطلت صلاة من صلى على الجبل، أو في مكان مستقل، أو استقبل طرف ركن منها بحيث لا يوازيه منها إلا عرض جسده، ولأن البنية لو زالت لكانت الصلاة إلى موضعها وإلى كل جزء منه، واحتج بإجماع الفرقة، وبأن القبلة هي الكعبة لمن شاهدها فيكون القبلة جملتها لا غير، فالمصلي في وسطها غير مستقبل جملتها، وبما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما قال: (لا يصلي المكتوبة في الكعبة) (2).
الجواب: أما الإجماع على الكراهية فمسلم، ولكن كراهيته لا تتضمن تحريما " والبحث ليس فيه، وأما أن القبلة جملتها فلا نسلم، بل وكل جزء منها، فإن المصلي لو وقف على طرف ركن من أركانها بحيث يكون مستندا " ببدنه تلك لكان مستقبلا وإن لم يكن مستقبلها، على أن استقبالها بأجمعها مستحيل، فإن المصلي بإزائها لا يحاذيه منها إلا قدر بدنه، والباقي خارج عن مقابلته.
وأما خبر محمد فمحمول على الكراهية، لأنه لا ينهض أن يكون حجة بانفراده في التحريم، أما حال الضرورة فلا بأس بصلاة المكتوبة فيها، وهو إجماع العلماء، وكذا لا بأس بالنوافل، بل هي مستحبة، وهو اتفاق أيضا " عدا محمد بن جرير، وإذا تقرر ما ذكرناه، فمن صلى وسطها استقبل أي جدرانها شاء، وهو اتفاق العلماء.
فرع قال في الخلاف: إذا استهدم البيت صلى إلى موضعه، ولو صلى جوف العرصة، أبقى بين يديه شيئا " ولو صلى إلى طرفها وليس بين يديه منها شئ لم يصح