أقول: أما الاجماع المركب فمنتف هنا، وأما أصالة عدم ثبوت الحق بدون رد اليمين على المدعي فمعارضة بأصالة عدم وجوب رد اليمين حينئذ، مع أن حكم الحاكم بوجوب أداء الحق على المنكر إن كان من جهة نكوله فالحق ثابت، وإن كان الحكم مترتبا على اليمين أو الرد فلا يحكم عليه بدفع الحق. فظهر أنه لا مجال لجريان أصالة عدم ثبوت الحق، لأن موجب الحكم في الصورة الأولى حاصل قطعا وفي الثانية غير حاصل قطعا وحيث يتردد الأمر بين أمرين مقطوع بهما لا يجري الاستصحاب أبدا، إلا أن يقال هنا بأن الأصل عدم جعل حكم للنكول، لكن هذا الأصل أيضا معارض بأصالة عدم جعل جواز الرد أو وجوبه أو وجوب الزام المدعى عليه بالرد على الحاكم.
والحاصل: أنه لو افترقت الأمة على قولين، فقالت طائفة بأن مجرد النكول موجب لحكم الحاكم، وقالت أخرى: بأنه ليس له الحكم بالنكول بل يأمر المنكر برد اليمين على المدعي - أو يردها هو من قبله - فإن حلف حكم بثبوت الحق وإلا حكم بسقوطه، فإن كان القولان متباينين - نظير ما إذا قالت طائفة بوجوب الجمعة في زمن الغيبة وقالت الأخرى بحرمتها - فلا مجال للاستدلال لأحد القولين بالأصل، وإن كان القولان غير متباينين كأن يكون الاختلاف بينهما حول شرط من شروط الواجب أو جزء من أجزائه بأن تقول إحداهما بوجوب السورة في الصلاة وتقول الأخرى بعدم وجوبها