عليه العذرة وعظام الموتى ويجصص به المسجد فكتب إليه بخطه: إن الماء والنار قد طهراه (1) ولكن هذه الرواية لا يمكن الالتزام بمفادها لأنه إذا كان المراد أن طبخ الجص يكون باشعال العذرة وعظام الموتى تحتها من غير حصول المزج والاختلاط فما معنى قوله: إن الماء والنار قد طهراه فإنه لم يصر نجسا حتى يطهر بايقاد النار تحته وبتسلط الماء عليه اللهم إلا أن يكون المراد بالتطهير هو رفع القذارة الظاهرية أعني ما يتنفر الطبع منه بسبب ايقاد العذرة وعظام الموتى عليه دون رفع النجاسة.
وإن كان المراد بايقاد العذرة وعظام الموتى الايقاد فوق الجص بأن يحصل التخليط بين الجص وبينهما فلا يمكن تطهيره بالنار والماء أما بالنار فواضح لأن الجص لا يصير بايقاد النار عليه مستحيلا إلى جسم آخر بحيث يتبدل موضوع النجس إلى الموضوع الطاهر بل لم يتبدل إلا بعض أوصافه ومن المعلوم أن تبدل الأوصاف لا يكون استحالة.
وأما بالماء فهو أوضح لأن الماء لا يسري إلى الجص مع بقاء اطلاقه ولم تنفصل الغسالة بملاقاته فهذه الرواية لا يمكن العمل بظاهرها فلا بد من رد علمها إلى أهله.
ومن الروايات مرسلة محمد بن أبي عمير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال: لا بأس أكلت النار ما فيه (2).
ورواية أحمد بن محمد بن عبد الله بن الزبير عن جده قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البئر تقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز قال: إذا أصابته النار فلا بأس بأكله (3).
ولكن هذه الرواية لا تدل على أن النار قد طهرت الخبز لامكان أن لا يكون الخبز نجسا بناء على عدم انفعال ماء البئر بوقوع النجس فيها كما هو المختار فح يحتمل أن يكون المراد بنفي البأس عن أكله عند إصابة النار له هو ما ذكرناه في صحيحة الحسن بن محبوب من أن المراد ذهاب النار بالقذارة الظاهرية الموجبة لتنفر الطباع وعلى هذا تحمل مرسلة ابن أبي عمير بأن يقال: إن الماء وإن كان غير مقيد بماء البئر في السؤال إلا أنه يمكن حمله على ماء البئر