إذا غسل يحفر له موضع المغتسل فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة (1).
ولكن هذه الرواية وإن كانت صحيحة أو حسنة إلا أنها تدل على التوجيه إلى القبلة بعد الموت لا حين النزع وإن قيل: إن المراد من قوله (عليه السلام) إذا مات لأحدكم ميت - إذا أشرف على الموت فيجاب عنه مع أنه خلاف ما استعمل فيه اللفظ بأن قوله سجوه تجاه القبلة ظاهر في التوجيه بعد الموت لأن معنى التسجية التغطية ومعلوم أن تغطية الانسان لا يحسن إلا بعد موته وحمله على ذلك لا قائل بوجوبه ويؤيد كون التوجيه إلى القبلة التوجيه بعد الموت أنه حكم (عليه السلام) بأنه إذا غسل فحكمه أيضا كذلك أي يوجه إلى القبلة فيستفاد من ذلك أن الرواية بصدد بيان استحباب التوجيه إلى القبلة فيما بعد الموت والله العالم.
واستدل لوجوب التوجيه إلى القبلة أيضا برواية معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت فقال: استقبل بباطن قدميه إلى القبلة (2) إلى غير ذلك من الأخبار التي تقصر سندا أو دلالة عن إفادة المطلوب ولكن الذي يسهل الخطب أن الشهرة العظيمة بين الأصحاب على وجوب التوجيه إلى القبلة تجبر ضعف سندها أو دلالتها وربما قيل بمعارضة هذه الروايات لما روي عن المفيد في الإرشاد أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام عند الموت: فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ثم وجهني إلى القبلة الحديث (3) بيان المعارضة أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثم وجهني بعد قوله: فإذا فاضت نفسي يستفاد منه أن الأمر وجوبا أو استحبابا بالتوجيه إلى القبلة إنما هو بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
ولكن يمكن الجواب عنها أولا بأنها لا تكافئ تلك الروايات لأنها مرسلة ولعدم عمل الأصحاب بها.
وثانيا بأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثم وجهني إلى القبلة يمكن أن يكون الأمر بتبديل مصداق إلى مصداق آخر بأن كان رأسه صلى الله عليه وآله أولا في حجر علي عليه السلام أو على صدره وكان مواجها للقبلة حين النزع ثم أمره أنه بعد وفاته أيضا يوجهه إلى القبلة ولكن بنحو آخر بأن يجعل