شرا من الخمر وكذا لا يمكن الحمل على الاحتمال الثاني على نحو الحقيقة فلا بد من الحمل على حقيقة ادعائية، إما دعوى كون الطبيعة بنفسها شرا من الشراب أو دعوى كونها بجميع مصاديقها كذلك، أو دعوى كونها كذلك بلحاظ بعض المصاديق والأرجح: الأول ثم الثاني، فعليه يستفاد منها كونها كبيرة بنفسه أو بجميع مصاديقه ولا يستفاد منها أكبريته من الشراب حقيقة بل هو ادعاه يثبت به كونه كبيرة لكن الشأن في ترجيح الاحتمال الذي يستفاد منه كونه كبيرة من بين الاحتمالات المتقدمة الكثيرة.
إلا أن يدعى أن الظاهر من الجملة الأولى أن الشراب من الكبائر بجعل ما ذكر كناية عنه وظاهر الجملة الثانية بعد عدم امكان الحمل على الحقيقة هو دعوى كون طبيعة الكذب بلا قيد شر من الشراب، ولازم هذه الدعوى كونه كبيرة بنفسها ولا يلزم منه اشكال كما توهم، فإنه إذا قامت القرينة على عدم إرادة الحقيقة لا يجوز طرح الرواية بل تحمل على الحقيقة الادعائية ولازمها كون الكذب بنفسه وعلى نحو الاطلاق شرا من الشراب ادعاء ولازم ذلك كونه كبيرة على نحو الاطلاق إلا أن يقال: مجرد هذا التشبيه والدعوى لا يدل على كونه كناية عن كونها كبيرة كما ورد: أن حب الدنيا رأس كل خطيئة مريدا به أن حبها أم الخطايا مع أنه غير محرم بلا شبهة، فيمكن أن يكون المراد بالرواية التنبيه على مفاسد الخمر والكذب لا بيان حرمتهما ولا قرينة على كونه بصدد بيان الحرمة فضلا عن كونهما كبيرة فدعوى كون الجملتين كناية عن حرمتهما أو كونهما كبيرة عارية عن الشاهد ومخالفة لأصالة الظهور، وبعبارة أخرى أن الجملة الأولى بعد كونها استعارة تكون لها ظهور ثانوي لأجل قيام القرينة في المعنى الاستعاري وجعل هذا المعنى الاستعاري كناية عن أمر آخر وهو الحرمة أو كونه كبيرة: خلاف الظاهر لا بد فيه من قيام قرينة وهي مفقودة.
ويؤيد ما ذكرناه أن حرمة الخمر كانت معلومة في عصر صدور الرواية بالكتاب والسنة لم يحتج إلى بيانها والمحتاج إليه بيان مفاسدها ومصالح منعها، فالجملة الأولى