التمكن منها معتبرا في جوازه من غير فرق بين الاكراه والاضطرار لعدم صدقهما مع امكانها بنحو لا يخاف الموري عن كشف الواقعة لدهشة ووحشة مستولية عليه.
ودعوى صدق الاكراه ولو مع امكانها لأن المكره أكرهه على الواقع وطلب منه الكذب وإن أمكن التخلص عنه بالتورية فمع امكانها لا يخرج الكذب عن وقوعه عن اكراه بخلاف الاضطرار فإنه مع امكانها لا يصدق أنه مضطر على الكذب (غير وجيهة) لأن الاكراه على الواقع المجهول عن علم المكره غير ممكن ومع امكان التورية والتفصي عن اكراهه بها أو بغيرها لا يصدق أنه مكره على الكذب وإن كان مكرها على التنطق بالألفاظ، والفرق بينه وبين الاضطرار بذلك غير ظاهر، فلو طلب منه قتل مؤمن محقون الدم وأمكنه التخلص عنه بقتل كافر مهدور لا يصدق أنه مكره على قتل المؤمن، لأن المكره طلب منه قتل المؤمن.
وأما وجه افتراق الفقهاء بين الكذب حيث اعتبروا في جوازه عدم امكان التورية وبين العقود والايقاعات والألفاظ المحرمة كالسب والتبري فلم يعتبروا امكانها في لغويتها بل صرح بعضهم بعدم اعتبار العجز عنها كما حكاه الشيخ الأنصاري رحمة الله فلعله لذهابهم إلى عدم اطلاق في الروايات الواردة في باب الحلف فلا تشمل الحلف الكاذب بما تقدم وجهه والجواب عنه، فيكون تجويزهم الكذب بمقتضى مثل حديث الرفع وقد تقدم أن المستند فيه إذا كان ذلك لا محيص عن اعتبار العجز عنها وأما عدم اعتباره في باب العقود والايقاعات فلورود روايات خاصة في لغويتها مع الاكراه ومقتضى اطلاقها عدم اعتباره ولهذا عطفوا عليها السب والبراءة كما نسب إليهم الشيخ الأنصاري (1) ذلك لورود روايات فيهما راجعة إلى قضية عمار وغيرها من غير إشارة فيها إلى لزوم التورية مع الامكان.
ثم إنه لا شبهة في اعتبار العجز عنها في الدوران بينه وبين محذور أشد الذي هو أحد العناوين المجوزة له وذلك لوضوح أنه مع امكانها ليس من دوران الأمر بين المحذورين إلا أن يقال بحرمة التورية بلا عذر كالكذب أو يقال: إن الكذب عبارة