قلت الوجود الواجبي هو الوجود المحض الذي لا أتم منه ووجودي ناقص وهو منه كالنور الشعاعي من النور الشمسي والاختلاف بالكمال والنقص لا يحتاج إلى مميز فصلى وامكان هذه نقص وجودها ووجوبه كمال وجوده الذي لا أكمل منه انتهى كلامه وهو كلام متين في غاية الاحكام والتحقيق ونحن قد دفعنا الوجوب الذاتي في الهويات المعلولية بأنها وجودات تعلقية الذوات والضرورة التي فيها ليست ضرورة أزلية بل ضرورة ذاتية ما دامت الذات الإلهية فياضة على الوسائط وبتوسطها على المعلومات المتأخرة فلنعد إلى ما فارقناه وهو ان ادراك الشئ لذاته نفس ذاته وذاته دائمه الادراك لذاته ومما يدل على دوام التعقل فينا ان الانسان إذا تتبع أحواله وجد من نفسه ان ادراكه لنفسه دائم بدوام الذات لان الانسان متى كان يحاول فعلا ادراكيا أو تحريكيا فلم يكن قصده إلى الادراك المطلق أو التحريك بل إلى ادراك مخصوص يصدر منه ويحصل له وكذا القول في التحريك فالهارب إذا هرب من عدو أو حر أو برد لم يكن هربه من العدو المطلق بل من عدوه الخاص ولا من حر مطلق بل من حر مخصوص اصابه ووصل إلى ذاته والعلم بوصول الحر والبرد إليه يتضمن العلم به وكذا القاصد إلى فعل من الافعال أو جلب شئ من الشهوات فليس قصده إلى حصول ذلك الفعل مطلقا بل إلى حصوله من جهته ولا إلى قضاء شهوة مطلقه بل شهوة مخصوصة به وكل ذلك متفرع على علمه بذاته فظاهر بين ان علم الانسان بنفسه وذاته أول العلوم وأقدمها (1) وهو حاضر دائما غير منفك عنه ابدا ولا يجوز لأحد ان يقول علمي بنفسي لأجل وسط هو فعلى استدل بفعلي على ذاتي وذلك لأنه لا يخلو اما ان يكون استدل بالفعل المطلق على ذاتي أو استدل بفعل صدر من نفسي على نفسي فان استدللت بالفعل المطلق فالفعل المطلق لا يحتاج الا إلى فاعل مطلق فلا يثبت به الا فاعل مطلق لا فاعل هوانا وان استدللت على بفعلي فلا يمكنني ان اعلم فعلى
(٤٦٩)