وعلى هذا ينبغي ان يعتقد الحال في المفارقات المحضة في عقلها للأشياء فان عقلها هو العقل الفعال للصور والخلاق لها لا التي يكون للصور أو في صور النفس التي للعالم من حيث هي نفس (1) وكل ادراك عقلي هو نسبه ما إلى صور مفارقه للمادة ولأعراضها فللنفس ذلك بأنها جوهر قابل منطبع به وللعقل بأنه جوهر مبدأ فاعل خلاق انتهى ما ذكره الشيخ تلخيصا وأقول اثبات هذا العقل البسيط لا يمكن الا بالقول باتحاد العاقل بالمعقولات على الوجه الذي أقمنا البرهان (2) والعجب من الشيخ الرئيس حيث أذعن بمثل هذه الأمور التي ذكرها في هذا الموضع مع غاية اصراره في انكار القول بذلك الاتحاد فإذا لم يكن العقل البسيط الذي اعتقد وجوده في هذا النوع الانساني وفي الجواهر المفارقة بالكلية من الأجساد والمواد فيه المعاني المعقولة فكيف يفيض منه على النفوس ما لا يكون حاصلا له وكيف يخرج النفوس من القوة إلى الفعل بما لا حصول لها فيه وأيضا كيف يختزن فيه مع بساطته صور المعقولات التي تذهل عنها النفس ثم تجدها مخزونة لها عند المراجعة إلى خزانتها العقلية كما أثبتها الشيخ في ذلك الفصل بعينه (3) فإنه قال فيه فما ذا تقول الان في الأنفس الانسانية والمعقولات التي تكتسبها وتذهل عنها إلى غيرها أتكون موجودة فيها
(٣٧٢)