ولا يعقل تنجيز القضاء الآخر بالأمر الآخر، فيكون الأوامر متعددة، وتلزم الشبهة السابقة، لا يرجع إلى محصل، وذلك لأن حديث القضاء والدين واحد، فكما أن الاستقراضات المتعددة، لا تستلزم الديون المتعددة، بل يكون الكل دينا واحدا، والأمر بأداء الدين لا يتعدد حسب تكثر الاقتراضات.
مثلا: لو اقترض زيد من عمرو دينارا، فإنه يجب عليه بعد القرار أداء دينه وهو الدينار الواحد، ثم لو اقترض ثانيا يزداد دينه، ولا يتعلق به الأمر الآخر، وإلا يلزم عدم تداخل المسبب مع وحدته، وهو ممتنع، للزوم الأمرين المستقلين بالمعنى الواحد وهو أداء الدينار، ولا لون لأحدهما، ولذلك لا يجب تعيين أحدهما حين أداء الدينار الواحد.
ولو كان الدين متعددا حسب ذلك، تلزم شبهة أخرى: وهي انحلال الوجوب إلى الكثير، بل وغير المتناهي، ضرورة أن الدينار الواحد ينقسم إلى غير متناه، فلو أدى نصف دينار، فقد سقط من الأمر شئ، وهو غير معقول، لبساطة الأمر.
أو لا، فلم يسقط شئ، وهو ممتنع، لاقتضاء سقوط الدين سقوط الأمر.
فلا بد من الأمر المستقل الساقط بأداء نصف الدينار، وهو أيضا ممتنع، للزوم العقابات غير المتناهية للأوامر الانحلالية. مع أن الثواب والعقاب من تبعات الأوامر الاستقلالية، كما لا يخفى.
إذا علمت ذلك كله، فالحل يسهل عليك بأن يراعى جانب العرف في القضايا الاعتبارية والأمور العقلائية، فإن الاقتراضات الكثيرة لا تورث الديون المتعددة، بل توجب الدين الواحد، ويزداد ذلك الدين بالأسباب المتأخرة، إلا إذا كانت لها الألوان الخاصة والخصوصيات المشروطة