وشروطه التي يمليها القوي على الضعيف... ألم يمتحن رسول الله صحابته حين أرسل بعضا منهم إلى قلعة ضخمة لبلوغها، وحين عادوا مقرين بضعفهم وجبنهم قال لهم محمد عليه السلام: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه... ".
فأول شروط نبذ الضعف والجبن الذي يسوغه البعض تكتيكا وخروجا من مأزق الواقع هو محبة الله ورسوله... ولكن أين الذين يحبهم الله وأين الذين يحبونه ورسوله في عالمنا هذا المهزوم؟ وأين الذين قال فيهم علي بن أبي طالب " من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل "....
إن الذين نخشاهم اليوم يحدون سيوفهم للقضاء على شعوبهم، ويغضبون إذا غضبت أمريكا أو إذا زمجرت إسرائيل... الذين نخافهم ممن يعطون أنفسهم مراسيم القومية والخوف على مستقبل الأمة يحرسون ثغور ومصالح غيرهم، فأين منا الحسين وأين كربلاء التي تجسد في أعماقنا أكبر ثورة إنسانية ضد الخنوع والقهر لآلة الاستبداد واستيطان الإرادة والانحناء لغير الله عز وجل....
كيف يمكن لهذه الأمة أن تعيد مرة أخرى " عاشورا " إلى منصتها الخالدة، لتنفض عنها غبار " الذلة " وتمسح دماء أطفال " قانا " التي لم تجف بعد... كيف يمكن أن يقف الشعب خلف قيادته وأن يعلن رجل يصارع الموت كما أعلن " مسلم بن عوسجة " في حضرة " الحسين بن علي " وصيته لصديقه... وما هي وصيته؟ يقول حبيب بن مظاهر:
" لما صرع مسلم بن عوسجة مشى إليه الإمام الحسين وكنت معه، وجلسنا عنده وهو يحتضر قلت له: والله لولا أن أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي فإن الصديق يوصي صديقه لحظة الاحتضار، يوصيه بأهله وعياله ولكن مشكلتي أني سأموت من بعدك وسأسير في نفس الطريق... فقال له مسلم: لي وصية تستطيع