اختصاص أدلة مشروعة التقية باتقاء المسلم من الكافر، فلا يشمل اتقاء المسلم من المسلم فهو غير صحيح، لأن الغرض من تشريع التقية عند الابتلاء بالكفار ليس إلا صيانة النفس والمال من الشر والضرر، فإذا ابتلي المسلم بمسلم ظالم صادر حريته، ومنعه من إظهار عقيدته من دون خوف بحيث لو أظهر عقيدته نكل به واستباح دمه وماله، حكم العقل والنقل هنا بصيانة النفس والمال بواسطة التقية ، وعدم إظهار المعتقد، ومماشاة من يهدد حياته أو ماله، وحينئذ لا يكون اللوم متوجها إلى المسلم المقهور بل إلى الآخر الذي صادر حريته، وقهره منعه من إظهار معتقده.
وقد صرح بهذا (أي مشروعية التقية حتى عند المسلم) طائفة من أعلام المسلمين، نشير إلى عبارات بعضهم في هذا المجال:
1 - يقول الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه: * (إلا تتقوا منهم تقاة) * ظاهر الآية يدل على أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين إلا أن مذهب الشافعي أن الحالة بين المسلمين، وقال: التقية جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله صلى الله عليه وآله وسلم " حرمة مال المسلم كحرمة دمه " وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " من قتل دون ماله فهو شهيد ". (مفاتيح الغيب: 8 / 13).
2 - نقل جمال القاسمي عن الإمام المرتضى اليماني في كتابه " إيثار الحق على الحق " ما نصه: " وزاد الحق غموضا وخفاء أمران: أحدهما: خوف التقية عند ذلك بنص القرآن وإجماع أهل الإسلام، وما زال الخوف مانعا من إظهار الحق، ولا برح المحق عدوا لأكثر الخلق وقد صح عن أبي هريرة أنه قال في