به، فإن فرضها بما هي هي، لا يكفي في اتصافها به بل يحتاج إلى ضم حيثية إلى الماهية تخرجها من حالة التساوي إلى أحد الجانبين. وهذه الحيثية هي الحيثية العلية، ولولاها لما صح حمل الموجود عليه، فيطلق على البياض المنضم إلى الجسم " حيثية تقييدية "، كما يطلق على العلة المخرجة للماهية من كتم العدم إلى الوجود " حيثية علية ".
ولذلك اشتهر في كلامهم أن الذاتي في باب البرهان ما لا يحتاج في الحمل والاتصاف إلى إحدى الحيثيتين، وغيره يتوقف صحة الحمل والاتصاف فيه على ضم إحداهما (1).
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه لا يصح توصيف السعادة ولا الشقاء بالذاتي بكلا المعنيين.
أما الأول، فإن السعادة والشقاء ليسا من مقولة الجنس ولا الفصل ولا النوع بالنسبة إلى الفرد المحكوم بأحدهما، وذلك واضح لا يحتاج إلى بيان.
وأما الثاني، أعني " ذاتي باب البرهان " فقد عرفت أنه عبارة عن الخارج عن ماهية الشئ (ليس جنسا ولا فصلا ولا نوعا) ولكن يحمل عليه بلا ضم ضميمة. ولكنهما ليسا كذلك إذ لا يكفي فرض فرد من الإنسان في اتصافه بأحدهما، بل يحتاج إلى ضم ضميمة إلى جانبه ككونه ذا عقائد حقة وأعمال صالحة، أو ما يقابلها من العقائد الباطلة والأعمال الطالحة، فيصح أن يطلق أنه سعيد أو شقي، وفي ضوء ذلك يجب أن يقال: إن السعادة والشقاء من الأمور العرضية التي يكتسبها الإنسان في مدة حياته.
وإن أريد أن مبادئهما ومناشئهما من الأمور الذاتية التي تنتقل إلى