الآية، لا أنهما موضوعان للسعيد والشقي في الآخرة ليس غير.
وعلى ضوء ذلك فالخبر المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ليس إلا قوله: " الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه "، وهو كلام مطلق لا قرينة فيه على أن المراد منه هو القسم الوارد في الآيات الكريمة، بل يمكن أن يقال أن المراد منه هو السعادة والشقاء من حيث الخلقة والمزاج بقرينة قوله: " في بطن أمه ". فمن المحتمل إذا صح سند الحديث وثبت صدوره من النبي أن يكون المراد إن الإنسان في بطن أمه على صنفين: شقي وسعيد.
فالجنين المتكون من نطفة وبويضة لأبوين سالمين روحا وجسما يتصف بالسعادة في بطن أمه وترافقه في حياته الدنيوية وهذا بخلاف الجنين المتكون من نطفة وبويضة لأبوين عليلين ومريضين جسما وروحا، فهو من هذا الآن محكوم بالشقاء، وإذا تولد رافقه إلى آخر عمره * (إلا ما شاء ربك) *.
فالرواية لا صلة لها بالسعادة والشقاء الأخرويين. وبالنتيجة لا ترتبط ببحث الجبر والاختيار، وإنما حملوها عليهما لأجل كون السعادة والشقاء في الآية راجعين إلى الحياة الأخروية، ولكنه ليس بدليل.
نعم روى الصدوق عن محمد بن أبي عمير (ف 217) قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله:
" الشقي شقي في بطن أمه والسعيد في بطن أمه ". فقال: " الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء. والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء " (1).