* (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * (1).
فكيف التوفيق بين القضاء الثاني والثالث.
أما الجواب، فنقول: إنه سبحانه نقل عن الفراعنة نظرية أشد بطلانا مما نقله عن المنافقين، حيث كانوا ينسبون الحسنات إلى أنفسهم والسيئات إلى موسى (عليه السلام). قال سبحانه: * (وقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون، فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه، ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون) * (2).
والقرآن يجيب عن هذا القضاء المنقول عن المنافقين والفراعنة، فيرد على الأول بأنه مبني على وجود مؤثرين مستقلين في عالم الوجود، لكل واحد فعل خاص ينافي فعل الآخر، حيث قال: * (قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) * (3).
كما رد على نظرية الفراعنة بقوله: * (ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون) * (4). فلا كلام في بطلان ما قضى به المنافقون والفراعنة، وإنما نركز البحث على القضاءين المختلفين الواردين في القرآن الكريم فنقول:
إن المراد من الحسنة والسيئة في الآية، بقرينة وقوعها في سياق آيات الجهاد هو الغلبة فيه أو الهزيمة، فعمت الأولى المسلمين في غزوة بدر، كما شملتهم الهزيمة في أحد، فأراد المنافقون أو ضعفاء العقول الازراء بالنبي، وأن الغلبة في غزوة بدر كانت من الله سبحانه والهزيمة من النبي لسوء القيادة، فكانوا يتبجحون بهذه الفكرة تعبيرا بالنبي وتضعيفا لعقول المسلمين، فرد الله سبحانه عليهم بأن الحسنة بقول مطلق كالفتوحات في