اتصاف صنف بالسعادة وصنف آخر بالشقاء من خلال اختيارهما أحد الأمرين.
قال العلامة الطباطبائي: " لو تعلق علمه تعالى مثلا بأن خشبة كذا ستحترق بالنار، لا يوجب ذلك العلم وجوب تحقق الاحتراق مطلقا، سواء أكانت هناك نار أم لم تكن إذ لم يتحقق علم بهذه الصفة، وإنما يوجب وجوب تحقق الاحتراق المقيد بالنار لأنه الذي تعلق به العلم الحق، وكذا علمه تعالى بأن الإنسان سيعمل بإرادته واختياره عملا أو سيشقى في ظل عمل اختياري، يوجب وجوب تحقق العمل من طريق اختيار الإنسان لا وجوب تحقق عمل كذا سواء أكان هناك اختيار أو لم يكن، كان هناك إنسان أو لم يكن، حتى تنقطع به رابطة التأثير بين الإنسان وعمله، ونظيره علمه سبحانه بأن إنسانا كذا، سيشقى بكفره اختيارا يستوجب تحقق الشقوة التي هي نتيجة الكفر الاختياري دون الشقوة مطلقة سواء أكان هناك كفر أو لا، وسواء أكان هناك اختيارا أو لا " (1).
وأما الرواية التي استشهد بها الرازي فقد أو عزنا عند البحث عن القضاء والقدر إلى أنها أشبه بالإسرائيليات منها بالإسلاميات. والقرآن ينص على عدم الفراغ من العلم، قال سبحانه: * (كل يوم هو في شأن) * (2). وقال سبحانه: * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (3). على أنه يمكن توجيه قوله (عليه السلام): " اعملوا فكل ميسر لما خلق له "، بأن المراد من الموصول في قوله: " لما خلق له "، هو معرفة لله سبحانه وعبادته، لا الكفر به وإنكاره قال سبحانه: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * (4). فإذا كانت الغاية من الخلقة هي العبادة، يكون كلام الرسول " اعملوا فكل ميسر لما خلق له "، ناظرا إلى هذه الغاية فقط، لا