هو، من دون ضم شئ إليه، ومن دون أن يلاحظ كونه مشتملا على نفع شخصي أو نوعي، فيستقل العقل بحسنه ووجوب فعله، أو قبحه ووجوب تركه.
وإن شئت قلت: إذا وقع الفعل في إطار العقل البشري من دون فرق بين الأفراد، ومع غض النظر عن أي شئ آخر غير الفعل نفسه، وجده العقل موصوفا بالحسن وقابلا للمدح، أو على العكس. وهذا كما إذا لاحظ جزاء الإحسان بالإحسان فيحكم بحسنه، وجزاءه بالإساءة فيحكم بقبحه.
فالعقل في حكمه هذا، لا يلاحظ سوى نفس الموضوع، من دون أن يتصور كونه يتضمن صلاحا أو فسادا. فمبحث الحسن والقبح الذاتيين، لا يهدف إلا إلى هذا القسم.
والأقسام الثلاثة الأولى خارجة عن مجال البحث، كما أن التحسين والتقبيح العاديين. كتحسين خروج الجندي بالبزة العسكرية وتقبيح خروج العالم باللباس غير المناسب، خارجان أيضا عن محل البحث.
وربما يتوهم أن للتحسين والتقبيح ملاكا خامسا، هو أن الحسن ما استحق الثواب عند الله، والقبيح ما استحق العقاب عنده. ولكنه خارج عن مجال البحث أيضا، كيف وقد بحث عن أصل التحسين والتقبيح البراهمة الذين لا يدينون بشريعة فضلا عن الاعتقاد بالثواب والعقاب في الآخرة.
فكيف يكون هذا ملاك البحث. نعم قد اتخذ هذا الوجه سنادا من أراد أن ينكر الحسن والقبح، بحجة أن العلم باستحقاق الثواب والعقاب على الفعل خارج عن نطاق العقل، وداخل في مجال الشرع.
ومما قدمنا يعلم ما فيه.
ولأجل زيادة البيان في تعيين محل النزاع بين الأشاعرة والعدلية نأتي بالتوضيح التالي: