يلاحظ عليه: أما أولا فإننا نسأل الشيخ الأشعري إنه سبحانه إذا أولم طفله في الآخرة وعذبه بألوان التعذيب، مع كون الطفل بريئا لم يصدر منه ذنب، ورأى الأشعري ذلك بأم عينه في الآخرة، هل يرى ذلك عين العدل، ونفس الحسن؟! أو أنه يجد ذلك الفعل، من وجدانه، أمرا منكرا؟.
ومثله ما لو فعل بالأشعري نفس ما فعل بطفله مع كونه مؤمنا، فهل يرضى بذلك في أعماق روحه، ويراه نفس العدل، غير متجاوز عنه، بحجة أن الله سبحانه مالك الملك يفعل في ملكه ما يشاء؟ أو أنه يقضي بخلاف ذلك؟.
وأما ثانيا: فلا شك أنه سبحانه مالك الملك والملكوت يقدر على كل أمر ممكن - كما عرفت - من غير فرق بين الحسن والقبيح، فعموم قدرته لكن ممكن مما لا شبهة فيه، ولكن حكم العقل بأن الفعل الفلاني قبيح لا يصدر عن الحكيم، ليس تحديدا لملكه وقدرته. وهذا هو المهم في حل عقدة الأشاعرة الذين يزعمون أن قضاء العقل وحكمه في أفعاله سبحانه نوع دخالة في شؤون رب العالمين، ولكن الحق غير ذلك.
توضيحه: إن العقل بفضل التجربة، أو بفضل البراهين العقلية، يكشف عن القوانين السائدة على الطبيعة، كما يكشف عن القوانين الرياضية، فلو قال العقل: إن كل زوج ينقسم إلى متساويين، فهل يحتمل أن العقل بذلك فرض حكمه على الطبيعة، أو يقال إن الطبيعة كانت تحتمل ذلك القانون والعقل كشفه وبينه؟ فإذا كان هذا هو الفرق بين فرض الحكم وكشفه في عالم الطبيعة، فليكن هو الفارق بين إدراكه حسن الفعل وقبحه وأن أي فعل يصدر منه وأيه لا يصدر منه، وفرضه الحكم على الله سبحانه فرضا يحدد سعة قدرته وإرادته وفعله. فليس العقل هنا حاكما وفارضا على الله سبحانه، بل هو - بالنظر إلى الله تعالى وصفاته التي منها الحكمة والغنى - يكشف عن أن الموصوف بمثل هذه الصفات وخاصة الحكمة، لا