سبحانه في نفس الآية: * (والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر) * والمراد من اللفظين واحد، والأول قرينة على الثاني. وهدف الآية هو أن الخلق - بمعنى الايجاد - وتدبيره كلاهما من الله سبحانه وليس شأنه سبحانه خلق العالم والأشياء ثم الانصراف عنها وتفويض تدبيرها إلى غيره حتى يكون الخلق منه والتدبير على وجه الاستقلال من غيره، بل الكل من جانبه سبحانه.
فالمراد من الخلق إيجاد ذوات الأشياء، والمراد من الأمر النظام السائد عليها، فكأن الخلق يتعلق بذواتها والأمر بالأوضاع الحاصلة فيها والنظام الجاري بينها. ويدل على ذلك بعض الآيات التي تذكر " تدبير الأمر " بعد الخلق.
يقول سبحانه: * (إن ربكم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه) * (1).
وقال تعالى: * (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها، ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) * (2).
فليس المراد من الأمر ما يقابل النهي، بل المراد الشؤون الراجعة إلى التكوين، فيكون المقصود أن الايجاد أولا، والتصرف والتدبير ثانيا منه سبحانه فهو الخالق المالك لا شريك له في الخلق والإيجاد ولا في الإرادة والتدبير.
الدليل الثالث - قوله سبحانه: * (إن هذا إلا قول البشر) * (3).
قال الأشعري: " فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد جعله قولا للبشر،