في باب الركوع ركنين: الانحناء من قيام. والهيئة الحاصلة منه. ويكون المأمور به شرعا كل من الأمرين.
وحاصل الكلام أن الركوع هو عبارة عن الهيئة بحيث تصل أطراف أصابعه أو باطن كفيه إن الركبتين ليس إلا، إلا أن المقصود من الركوع حيث كان الخضوع والتذلل، وبقول أهل الفرس " كرنش نمودن وسر فرو بردن " كان الانحناء من القيام أيضا مطلوبا، ويكون المطلوب في باب الركوع هو الهيئة الحاصلة عن ذلك الانحناء، وحيث كان الانحناء لا يعقل تحققه إلا بالقيام، حيث إن الانحناء من قيام كان مطلوبا كان القيام المتصل بالركوع مما يتوقف عليه تحقق الانحناء بالمأمور به عقلا، إذ لا يمكن الانحناء لا عن قيام وإن أمكن تحقق الهيئة لا عن قيام، إلا أنه قد عرفت أن الهيئة وحدها لم تكن مطلوبة في باب الركوع. فقول الفقهاء إن القيام المتصل بالركوع ركن، يريدون به هذا المعنى، لا أن القيام هو بنفسه ركن مستقل، ولا أنه مما يتوقف عليه هوية الركوع إذا لم يدل على ركنية القيام بنفسه دليل. وقد عرفت أن صدق هوية الركوع لا تتوقف على الانحناء عن قيام، فكيف يكون القيام مقوما للركوع، بل القيام مقوم للانحناء الذي يكون هو الركن بمعنى أن يكون أيضا مطلوبا في باب الركوع، ويتوقف الركوع الشرعي عليه.
فظهر ضعف القول بأن الهوي إلى الركوع مقدمة عقلية محضة ليس له جهة مطلوبية، كما عرفت من العلامة الطباطبائي.
وعلى كل حال قد ظهر لك أن فوات القيام المتصل بالركوع موجب لفوات الانحناء المطلوب في الركوع. وبفوات الانحناء يفوت الركوع المطلوب شرعا، والذي يدل على مطلوبية الانحناء عن قيام. مضافا إلى ما عرفت من أن المطلوب في باب الركوع التذلل الذي يحصل به الاجماع المدعى في المقام، من