مقدمة عقلية محضة، كما أفاده الطباطبائي في منظومته بقوله " إذ الهوي فيهما مقدمة " (1) ولا بد قيل بيان الحال من تمهيد مقدمة وهي:
أنه تارة يكون متعلق الطلب والتكليف وما يقوم به الغرض هو الأثر الحاصل من فعل المكلف بمعناه الاسم المصدري، من دون أن يكون لجهة الاصدار بمعناه المصدري دخل في الغرض، بل كان الاصدار مقدمة عقلية لحصول ذلك الأثر الذي يستحيل حصوله بدون ذلك، كما هو الشأن في غالب الواجبات التوصلية.
وأخرى ينعكس الأمر ويكون متعلق الطلب وما يقوم به الغرض هو حيثية الاصدار بمعناه المصدري، من دون أن يكون الأثر الحاصل منه متعلق التكليف وإن كان لا ينفك عنه. ولا يبعد أن يكون باب الواجبات النظامية من هذا القبيل، حيث إن المطلوب فيها عدم الاحتكار بالعمل مع بقاء الأثر الحاصل منه على ملكية العامل، ومن هنا جاز أخذ الأجرة عليها كما بيناه في محله.
وثالثة: يكون كل من الاصدار والأثر الحاصل منه مورد التكليف ومتعلق الغرض، بأن تكون المصلحة قائمة بكل من جهة الاصدار والأثر الحاصل منه، والغالب في باب الأوامر هو كون الأثر متعلق التكليف، إلا أن الأمر بالركوع حيث كان المطلوب منه التذلل والخضوع الذي يعبر عنه بالفارسية " سر فرو بردن وكرنش كردن " كان لجهة الاصدار دخل في متعلق الطلب والتكليف، والمراد من جهة الاصدار هو الانحناء عن قيام الذي هو معنى " سر فرو بردن " بالفارسية.
لا نقول: إن الانحناء له دخل في حقيقة الركوع وهويته، فإن ذلك واضح البطلان بداهة صدق الركوع بهويته على الهيئة المخصوصة وإن لم يكن عن انجناء.
بل نقول: إن الانحناء أيضا مطلوب في الركوع كمطلوبية الهيئة. فيكون المطلوب