من حيث طريقيته لاثبات الحكم الشرعي الواقعي وبعد ان فرض السائل تساويهما من جميع الجهات من حيث طريقيتهما لاثبات متعلقهما امر الإمام (ع) بالأخذ بأحدهما مخيرا تسليما لامر الشارع ومرجعه في الحقيقة إلى أن الطريقين لما تكافئا من حيث طريقيتهما للواقع تساقطا عن الاعتبار من هذه الجهة ولكنهما بعد باقيان على طريقيتهما من حيث كشفهما عن صدور الامر من الشارع إذ لا معارضة بينهما من هذه الجهة لامكان صدورهما معا وعدم كون أحدهما أو كليهما لبيان الحكم الواقعي النفس الامرى فيكون التكليف بعد احراز صدور الخطابين المتنافيين من الشارع بالعلم أو بطريق معتبر الاخذ بأحدهما مخيرا من حيث وجوب التسليم و الانقياد لا من حيث كشفه عن الحكم الواقعي فان الامتثال للأوامر الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وأوصيائه صلوات الله عليهم جهتان من الوجوب كمالا يخفى * (والحاصل) * ان الحكم بالتخيير انما هو فيما أمكن صدور الروايتين من الشارع واما الرجوع إلى المرجحات السندية فمورده أعم من ذلك فإنه يعم ما لو علم كذب إحديهما كما فيما نحن فيه فليتأمل ثم لا يخفى عليك انه بناء على حرمة عبادة الحائض ذاتا لا يمكن الاحتياط عند اشتباه دم الحيض بدم القرحة أو غيرها لدوران الامر بين المحذورين فما في الجواهر بعد ترجيح رواية التهذيب من أن سبيل الاحتياط غير خفى على اطلاقه محل نظر بقي الكلام فيما ذكره في المدارك من تأييد ظاهر عبارة المصنف وصريح غيره من اعتبار الجانب [مط] بان الجانب ان كان له مدخل في حقيقة الحيض يجب اطراده * (وفيه) * انه يمكن ان يكون منشأ اعتباره الغلبة فهي امارة ظنية قد اعتبرها الشارع في مورد خاص كساير الامارات المعتبرة في باب الحيض كأوصاف الدم وكونه في أيام العادة وخروج القطنة غير مطوقة ونحوها فلا يجوز التخطي عن المورد المنصوص الا بعد القطع بعدم مدخلية خصوصيته في طريقيتها ولا في اعتبارها شرعا اللهم الا ان يدعى ان احتمال مدخلية القرحة في خروج الدم من الأيسر ليس احتمالا عقلائيا واما احتمال كونه امارة شرعية اعتبرها الشارع لأجل الغلبة كساير الامارات المعتبرة في باب الحيض فهو احتمال قوى ولكن الرواية بظاهرها تدل على أن ما يخرج من الأيمن ليس بحيض حقيقة وما يخرج من الأيسر لا يكون من القرحة ومقتضى حمل الرواية على ظاهرها هو الالتزام بكون كل من الوصفين معرفا حقيقيا لكل من الدمين لان ظاهر الشرطية كونها لزومية لا غالبية أو اتفاقية وكون سائر الامارات أوصافا غالبية لا يصلح قرينة لرفع اليد عن ظاهر هذه الرواية ولكن الانصاف انه يشكل رفع اليد بمثل هذا الظاهر عن الاطلاقات والعمومات المقتضية للحكم بالحيضية عند اجتماع شرايطها ككونه في أيام العادة ونحوه لقوة الظن لو لم ندع القطع بكون الوصفين امارة شرعية تعبدية منشأ اعتبارها الغلبة لا من الأوصاف التي لا تخلف والله العالم * (ولو) * شكت في وجود القرحة واحتملت كون الدم منها على تقدير وجودها لا يجب عليها الفحص والاختبار لأصالة السلامة وعدم وجوب الفحص ولو اختبرت وعلمت بخروج الدم من الأيمن ولم نقل باعتبار الجانب [مط] كما هو الأظهر فهل يبنى على أنه من القرحة وجهان من اختصاص النص بصورة العلم بوجودها ومن أن خصوصية المورد لا توجب قصر الحكم كما عرفت في المشتبه بدم العذرة لا يخلو أولهما عن وجه لان دعوى القطع بعدم مدخلية الخصوصية في المقام مشكلة جدا لان كون القرحة الموجودة في الجوف على وجه يدرك وجودها وشأنيتها لان يسيل منها دم مشتبه بالحيض يورث قوة الظن بكون الدم الخارج من الأيمن منها وهذا بخلاف ما لو كانت الشبهة في أصل وجودها فإنه يبعد كون الدم المشتبه بالحيض من قرحة غير معلومة التحقق فيشكل استفادة اعتبار الجانب في هذه الصورة من الدليل الدال على اعتباره في الفرض الأول والله العالم ثم إنه نقل من كاشف الغطاء الحاق الجرح بالقرح معللا بعدم التميز بينهما في الباطن و بأنهما في المعنى واحد وفيه نظر ظاهر وأقل الحيض ثلاثة أيام فما نقص منها ليس بحيض لما سيتضح لك من أن سيلان الدم في ثلاثة أيام في الجملة من مقومات مهية الحيض نصا واجماعا فلا يعقل تحققها في ضمن الأقل من الثلاثة وما في خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المرأة الحبلى التي ترى الدم اليوم واليومين قال (ع) ان كان الدم عبيطا فلا تصل ذينك اليومين وان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين مطروح أو مؤل كما سيتضح لك في محله وعلى تقدير كونه حجة فهو مخصوص بمورده وأكثره عشرة أيام فلو رأت الدم بعدها فليس من الحيض وما في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال أكثر ما يكون من الحيض ثمان وأدنى ما يكون منه ثلاثة لأجل مخالفته للاجماع والأخبار المستفيضة بل المتواترة يجب رد علمه إلى أهله ولا يبعد ان يكون المراد منه بيان الأكثر منه بمقتضى عادة النساء في الغالب لا التحديد الشرعي وكذا أي ومثل أكثر الحيض أقل الطهر في كونه عشرة أيام فلا يكون الطهر أقل من عشرة أيام بلا خلاف بل ولا اشكال في شئ منها اجمالا كما يدل عليها المعتبرة المستفيضة التي سيأتي التعرض لنقل جملة منها إن شاء الله ولا حد لأكثر الطهر قطعا ضرورة دوران الحيضية مدار رؤية الدم وهي امر غير قابل لان يكون له حد شرعي وما حكى عن أبي الصلاح من تحديد أكثره بثلاثة أشهر فلعله أراد بيان عدم تجاوزه عنها في الافراد الغالبة لا التحديد
(٢٦٢)