خلافا لمن قال بوجوب مسح مقدار ثلث أصابع * (نعم) * قد يأبى عن هذا الحمل ما حكى عن التهذيب حيث قال في مقام الاستدلال على ما ذكره المفيد من الاجتزاء بالإصبع ويدل عليه اية المسح ومن مسح رأسه ورجليه بإصبع واحدة فقد دخل تحت الاسم ويسمى ماسحا ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع لأنا لو خلينا الظاهر لقلنا بجواز ذلك لكن السنة منعت منه وكيف كان فلا شبهة في ضعف التحديد بالإصبع سواء أريد منه عرض الإصبع أو طولها أم عرض الرأس أو طوله لعدم مساعدة شئ من الأدلة على اعتباره والأقوى ما ذكره المصنف من كفاية ما يسمى به ماسحا عرفا من دون فرق بين الاختيار والاضطرار ولا الرجل و المرأة لاطلاق الآية بل وكذا الرواية المتقدمة الواردة في تفسيرها والمناقشة في اطلاقها بعدم كونها مسوقة لبيان هذا الحكم حتى يصح التمسك باطلاقها * (مدفوعة) * بان وقوعها تفسيرا للآية التي لها اطلاق قرينة على إرادة مطلق مسح بعض الرأس المتحقق بمسماه لا البعض في الجملة فالرواية لأجل كونها تفسيرا للآية بمنزلتها في الاطلاق وقد يناقش في دلالة الآية على كفاية مسمى المسح بإنكار سيبويه مجئي الباء التبعيض فلا يجوز حمل الآية عليه وفيه أن منع دلالة الآية لا يتوقف على انكار مجئي الباء للتبعيض حتى يعارض انكار سيبويه بتصريح غير واحد من النحاة كابن جنى وابن مالك وابن هشام وغيرهم بمجيئها للتبعيض كثيرا في النظم والنثر بل يكفي في عدم ظهورها في ذلك عدم القرينة على تعين ارادته لان حمل المشترك على بعض معاينه يحتاج إلى قرينة معينة ومع وجودها لا يضر انكار سيبويه ولا غيره إذ بعد ظهور الكلام بمساعدة القرينة في إرادة المسح على بعض الرأس لابد اما من الالتزام بان الباء في الآية للتبعيض اما حقيقة لو سلمناه أو مجازا لو جوزناه أو الالتزام بان المراد من الرأس بعضه مجازا أو ان المسح متضمن لمعنى ما يتحقق عرفا بوقوعه على بعض الرأس كالمرور أو اللصوق أو الملابسة أو غيرها و الانصاف ان ادراج كلمة الباء في البين وتغيير الأسلوب مع أن المسح مما يتعدى بنفسه لو لم نقل بدلالته على التضمين أو إرادة البعض من نفسها باستعمالها للتبعيض أو من مدخولها مجازا فلا أقل من اشعاره بذلك هذا كله مع قطع النظر عن الصحيحة الواردة في تفسيرها وإلا فلا مجال للمناقشة في دلالتها بعد تصريح أهل بيت الوحي الذين هم أدرى بما فيه بان المراد منها المسح على بعض الرأس غاية الأمر انا لو أنكرنا مجيئ الباء للتبعيض نلتزم بالتجوز أو التضمين كما هو ظاهر وقد عرفت مما ذكرنا أن ما حكى عن العلامة [ره] من انكار مجيئ كلمة الباء للتبعيض استنادا إلى انكار سيبويه مجيئها له ليس امرا منافيا للرواية الصحيحة كما توهمه بعض القاصرين المنحرفين عن الصواب فاخذ في الطعن وإسائة الأدب على رؤساء الدين الذين لولاهم لكان أكثر الطاعنين في بيداء الضلالة تائهين وقد جرئهم على ذلك شيخنا البهائي [ره] حيث اعترض فيما حكى عنه على العلامة باقتضاء كلامه طرح الرواية الصحيحة لقول سيبويه وقد عرفت أن الاعتراض من مثله منشأه الغفلة هذا مع أن في اثبات الموضوعات اللغوية والآثار الغير الشرعية باخبار الآحاد التي لم يعلم بصدورها على سبيل الجزم واليقين كلام ليس ها هنا مقام تفصيله فليس عدم الالتزام بها في غير الآثار الشرعية امرا واضح الفساد حتى يتوجه عليه الطعن والاعتراض والله العالم وهو الحاكم ومما يدل أيضا على المطلوب صحيحة أخرى لزرارة وبكير عن أبي جعفر (ع) فيما حكاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال إن الله تعالى يقول يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى أن قال ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه [الخ] ورواية أخرى لهما أيضا عن أبي جعفر (ع) أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزاك ويدل على كفاية مقدار الإصبع وعدم اعتبار ما زاد عليه في عرض الرأس مرسلة حماد عن أحدهما (ع) في الرجل يتوضأ وعلى العمامة قال يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه وكذا روايته الأخرى عن الحسين عن أبي عبد الله (ع) قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل توضأ وهو معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد فقال ليدخل إصبعه ويحتمل اتحاد الروايتين وكون الاختلاف من الراوي وترك تعرضه فيما أرسله لبعض ما أورده في السؤال في الرواية لفهمه عدم المدخلية في الحكم وكيف كان فهذه الرواية تدل بظاهرها على كفاية مسح مقدار من الرأس يمر عليه إصبع واحدة من تحت العمامة وهو أقل عرضا من عرض الإصبع لان باطن الإصبع المماس لظاهر الممسوح أقل مسافة من عرض الإصبع بل ظاهر اطلاق الجواب كفاية مطلق المسح بادخال الإصبع ولو برأس الأنملة ويمكن المناقشة في دلالة هاتين الروايتين بعدم كونهما مسوقتين الا لبيان عدم وجوب رفع العمامة وكفاية ادخال اليد من تحتها واما كفايته مطلقا بمجرد حصول المسح بها في الجملة أو بشرط إدارتها على تمام الناصية بحيث يحصل مسح مجموع المقدم أو المسح موريا حتى يحصل به مسح مقدار ثلاث أصابع من عرض الرأس
(١٤٥)