والنقل وبقي الباقي على الأصل انتهى ولو اشتبه الاناء النجس ذاتا أو بالعرض بالطاهر وجب الامتناع منهما وعدم استعمال شئ منهما في شئ مما يشترط بطهارة الماء فإن لم يجد ماء غيرهما يتمم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن جماعة من الاعلام دعوى الاجماع عليه لموثقة سماعة عن الصادق (ع) في رجل معه اناء ان وقع في أحدهما قذر ولا يدرى أيهما هو وليس يقدر على ماء غيرهما قال يهريقهما ويتيمم وموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) مثلها وفي محكى المعتبر نسبهما إلى عمل الأصحاب وعن المنتهى ان الأصحاب تلقت هذين الحديثين بالقبول ويدل عليه مضافا إلى النص و الاجماع قضاء العقل بحرمة المعصية ووجوب الاجتناب عن النجس الواقعي المعلوم بالاجمال المردد بين الإنائين فيجب التحرز من كل من المحتملين تحرزا عن العقاب المحتمل * (توضيح) * هذا الدليل بحيث يتضح الاستدلال به لوجوب الاجتناب في كل شبهة محصورة هو ان اطلاق الأوامر الواردة في الشريعة بالاجتناب عن النجاسات أو المحرمات مقتض لوجوب الاجتناب عن الافراد الواقعية ولا يقبح عقاب من ارتكب المحرم الواقعي المردد بين الإنائين بعد علمه به حتى يكون جهله التفصيلي عذرا في حقه كما في الشكوك البدوية ولم يرد من الشرع ما يدل على جواز الارتكاب حتى يكون عذرا شرعيا بل لا يجوز عقلا ترخيص الشارع ارتكابه وجعل الجهل عذرا في حقه لاستلزامه الترخيص في المخالفة العمدية وهو ممتنع لان مخالفة الشارع في حد ذاتها كالظلم قبيحة بالذات فإذا كان الفعل بهذا العنوان فعلا اختياريا للمكلف امتنع ان يعرضه جهة محسنته له حتى يتبعها الرخصة الشرعية هذا مع أنه متى علم المكلف بوجود خمر مثلا بين الإنائين وأدرك العقل حرمتها على الاطلاق وعدم رضاء الشارع بشربها استقل بوجوب التجنب عنها فلا يعقل ان يصدر من الشارع ما يناقضه إذ ليس للشارع ان يتصرف في موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة نعم له ان يتصرف في موضوع حكمه الشرعي بان يخص الحرمة بالخمر المعلومة بالتفصيل لا مطلق الخمر الا انه خلاف ظواهر الأدلة المطلقة واما الأخبار الدالة على حلية ما لم يعلم حرمته فلا تنهض دليلا على تقييد المطلقات لكونها مسوقة لبيان الحكم الظاهري المغيا بالعلم فهي بنفسها لأجل جعل العلم غاية فيها مما يؤكد اطلاق المطلقات كمالا يخفى والحاصل ان العلم بالموضوع المحرم وان كان شرطا في تنجز التكاليف الواقعية عقلا ونقلا ولكن الذي اخذ شرطا في موضوع حكم العقل بالتنجز أعم من الاجمالي والتفصيلي بل كل طريق معتبر فإذا علم المكلف بنجاسة أحد الإنائين فقد تنجز في حقه الامر بالاجتناب عن النجس الواقعي فيجب عليه بحكم العقل الاجتناب عن كل من الإنائين دفعا للعقاب المحتمل وقد يتوهم جواز ارتكاب بعض الأطراف أو جميعها في التدريجيات بدعوى أن العقل لا يحكم الا بحرمة المخالفة القطعية واما وجوب الموافقة القطعية فلا ومن المعلوم ان العبد لا يعتقد المخالفة بارتكاب البعض وكذا في التدريجيات لا يعتقد المخالفة الا بعد الارتكاب ولا دليل على حرمة تحصيل العلم بالمخالفة أو بدعوى عدم شمول الخطابات الا لما علم نجاسته أو حرمته أو بدعوى ثبوت الرخصة من الشارع بجواز ارتكاب كل مشكوك النجاسة أو الحرمة وهي بعمومها تشمل الشبهة المسبوقة بالعلم الاجمالي ولكن العلم الاجمالي مانع عن ارتكاب الجميع دون البعض فيحكم بجواز الارتكاب فيما عدا مقدار الحرام وفي الجميع مالا يخفى اما الأول فلاستقلال العقل بوجوب والموافقة القطعية للأوامر الشرعية كحرمة المخالفة القطعية ويستكشف ذلك من حكم العقلاء بحسن واحدة العبد الذي امره سيده بالتحرز عن الخمر المردد بين الإنائين لو شرب أحدهما و صادف الواقع ومن المعلوم أنه لو جاز مؤاخذته على تقدير المصادفة يجب الاجتناب عن جميع المحتملات عقلا دفعا للضرر المحتمل واما الثاني فلانه ان أريد دعوى أن الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة بالتفصيل فالنجس أو الحرام وكذا الدم أو الخمر اسم لما علم أنه نجس أو حرام أو دم أو خمر مفصلا * (ففيه) * بعد الاغماض عن عدم معقولية انه خلاف المتبادر منها وان أريد دعوى انصراف الخطابات إلى المصاديق المعروفة بعناوينها الخاصة مفصلا ففيه منع ظاهر مع أن مقتضاه عدم نجاسة الخمر المرددة بين إنائين وكذا عدم حرمتها في الواقع ولا يلتزم به أحد واما الثالث فلما أشرنا إليه من منع العموم أولا ووجوب ارتكاب التأويل بعد تسليم ظهورها فيه ثانيا لاستقلال العقل بقبح الترخيص في المعصية * (فتأمل) * ولتمام التحقيق مقام اخر و * (ينبغي) * التنبيه على أمور الأول ان الحكم بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة انما هو فيما إذا كان العلم الاجمالي مؤثرا في ثبوت خطاب منجز بالاجتناب عن النجس المشتبه على كل تقدير بمعنى انه يعتبر في وجوب الاجتناب ان يكون كل واحد من الأطراف بحيث لو علم تفصيلا كونه هو النجس المشتبه لتوجه إلى المكلف بالنسبة إليه خطاب منجز بالاجتناب عنه فلو لم يكن بعض الأطراف كذلك بان لم يكن طرو النجاسة عليه موجبا لحدوث تكليف منجز بالنسبة إليه كما إذا كان مما لا يتنجس بملاقاة النجس أو كان مما اضطر المكلف إلى ارتكابه بسبب سابق على العلم الاجمالي أو كان خارجا عن مورد ابتلاء المكلف فعلا بحيث يستهجن عرفا توجيه خطاب منجز بالنسبة إليه وان صح توجيه خطاب معلق بالابتلاء والوجه في ذلك كله سلامة الأصل في مورد الابتلاء في جميع هذه الصور عن معارضة جريانه في الطرف الآخر لا يقال هذا انما يتم لو كان المانع عن جريان الأصول معارضتها في موارد الابتلاء بالمثل واما لو قلنا باختصاص أدلتها بغير ما لو علم التكليف اجمالا فلا فرق بين كون جميع أطراف المعلوم بالاجمال موردا للابتلاء أم لا لأنا نقول مرجع دعوى الاختصاص إلى أنه لا يفهم من مثل قوله (ع) كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر حكم الشبهة المقرونة بالعلم حيث إن النجاسة فيها معلومة وهذه الدعوى مسلمة فيما إذا كان العلم الاجمالي مانعا من استفادة حكم
(٤٨)