فيشكل الحكم بالحيضية بمجرد خروج القطنة منغمسة بالنظر إلى اطلاق الصحيحتين وفتاوى الأصحاب الا ان يقتضيه دليل آخر من قاعدة الامكان ونحوها لأنه لا يفهم منهما بعد فرض انحصار الاحتمالين في موردهما كون الانغماس امارة تعبدية لثبوت الحيضية لجواز ان يكون طريق العلم بحيضية الدم نفى الاحتمال الاخر لا الانغماس ولذا توقف المصنف في ظاهر المتن والنافع وصريح المعتبر وكذا العلامة في ظاهر القواعد في المسألة ولم يحكم بالحيضية والاعتراض عليهما بمنافاته لظاهر النصوص والفتاوى قد عرفت دفعه بعدم دلالتهما على كون الانغماس امارة تعبدية لثبوت الحيضية واما الاعتراض عليهما بان مفروضهما ما إذا انحصر الاحتمال في الامرين فلا وجه للتوقف في ثبوت أحدهما بعد الجزم بنفي الاخر فيدفعه ان ثبوت أحد الامرين المعلوم ثبوت أحدهما بعد العلم بنفي الاخر من البديهيات الأولية التي لا تختفي على أحد فضلا عن مثل المحقق والعلامة فعدم جزمهم بثبوت الحيضية دليل على أن توقفهم انما هو فيما إذا احتمل كونه دما آخر سوى العذرة والحيض واما ما نقل عن المصنف في المعتبر من دعوى الاجماع على أن ما تراه المرأة من الثلاثة إلى العشرة يحكم بكونه حيضا ما لم يعلم أنه لقرح أو عذرة وإن لم يكن بصفات الحيض فلا ينافي توقفه في المقام لان مقتضى الجزم بكونه حيضا بمجرد الانغماس الحكم بحيضيتها في اليوم الأول والثاني وإن لم يعلم بأنه يستمر إلى ثلاثة أيام والحال ان المقصود في المقام ليس إلا التنبيه على أنه لا يفهم من النص والاجماع كون الانغماس الدم من حيث هو دليلا على كونه حيضا بل هو دليل على عدم كونه من العذرة فيكون حاله عند الانغماس كحال الدم الذي تراه ولم تحتمل كونه من العذرة وستعرف في بعض الفروع الآتية ان المصنف [ره] لا يقول بحيضية الدم بمجرد رؤيته واحتمال كونه حيضا ثم إن مقتضى اطلاق الصحيحتين بقرينة ترك التفصيل وجوب الاختبار عليها مطلقا سواء علمت أولا بأنه من العذرة ثم شكت لكثرته أو استمراره أو نحوهما في أن ذلك هل هو دم العذرة أو انه انقطع دم العذرة وحدث الحيض أولم ينقطع ولكنه حدث الحيض فامتزجا أوشك ابتداء في أنه من الحيض أو من العذرة ولا مسرح لأصالة عدم حدوث دم الحيض أو بقاء دم العذرة أو أصالة البراءة عن التكليف بعد ظهور النص في وجوب الاختبار عليها عند الاشتباه [مط] من دون تفصيل * (نعم) * لو لم تعلم بالاقتضاض ولكنها احتملته فشكت في كون الدم منه أو من الحيض لم يجب عليها الفحص لعدم الدليل عليه لاختصاص الصحيحتين بصورة العلم فالأصل براءة ذمتها عن التكليف بل الأصل سلامتها وعدم حدوث الاقتضاض المقتضى لوجوب الفحص فتعمل في حكم الدم على القواعد الشرعية المقررة له ولكنها لو اختبرت وخرجت القطنة مطوقة بنت على أنه من دم العذرة لا الحيض لدلالة الصحيحتين على أن خروجها مطوقة ينفى احتمال الحيضية [مط] ولو في غير مورد السؤال * (نعم) * يجوز عقلا ان يكون خروجها مطوقة امارة ظنية معتبرة في خصوص المورد الا ان ظاهر الروايتين اعتبارها في مقام التمييز مطلقا إذ لا يفهم عرفا لخصوص المورد خصوصية في طريقيتها ولا في اعتبارها شرعا بل المتبادر منهما ليس إلا كون خروج القطنة مطوقة مايزا بين دم الحيض والعذرة [مط] بل ربما يقال بحصول التمييز بذلك بين دم العذرة والاستحاضة أيضا فيرجع إليه عند الاشتباه * (وفيه) * نظر لأنه انما يتم لو ثبت ان دم الاستحاضة كالحيض لا يكون الا منغمسا بالقطنة والا فخروجها مطوقة لا ينفى احتمال كونه استحاضة نعم خروجها منغمسة دليل على عدم كونه من العذرة فالاختبار انما يجدى في صورة انحصار الاحتمالين وخروجها منغمسة واما في ما عدا هذا الفرض فيحكم بأنه استحاضة لو قلنا بأنها الأصل في كل دم ليس بحيض والا فالمرجع استصحاب حالتها قبل رؤية هذا الدم من الطهارة أو الحدث * (وهل) * يجب عليها الاختبار لو حاضت أولا ثم اقتضت فشكت في كون الدم منه أو من الحيض أم ترجع إلى أصالة بقاء الحيض وبراءة ذمتها عن التكليف وجهان من خروجه من مورد النص فيرجع فيه إلى القواعد ومن أن خصوصية المورد لا توجب تخصيص الحكم فكما يفهم من الصحيحتين حصول التمييز هذه العلامة في جميع موارد الاشتباه كذلك يفهم منهما وجوب الرجوع إليها في جميع تلك الموارد نعم لو كان الشك في أصل الاقتضاض يشكل استفادة وجوب الفحص فيه من الروايتين حيث إن اعتبار أصالة العدم بالنسبة إليه من الأمور المغروسة في الأذهان على وجه لا يلتفت الذهن عند احتماله إلى كون الدم مما يشك في حكمه والانصاف انه لا ينبغي ترك الاحتياط بالفحص في جميع موارد الشبهة بل لا يبعد القول بوجوبه مطلقا في جميع مواقع الاشتباه نظرا إلى ما في صحيحة خلف من التهديد على مخالفة الواقع فان ظاهرها عدم كون الجهل عذرا في موارد الاشتباه ومقتضاه عدم جواز الرجوع إلى الأصول من أول الأمر ووجوب الفحص عليها مهما أمكن * (نعم) * في كل مورد تعذر عليها الفحص لكثرة الدم أو نحوها من الاعذار تعمل بالأصول من استصحاب الحدث أو الطهارة لان الجهل [ح] عذر عقلي كما في الشبهات الحكمية فيرجع فيها إلى القواعد الشرعية المقررة للجاهل والله العالم ولو تركت الفحص في الموارد التي وجب عليها الاختبار وصلت ثم انكشفت مطابقتها لما هو تكليفها لم تجب اعادتها على الأظهر لأنه انما وجب عليها الاختبار مقدمة لترتيب اثار دم العذرة عليه على تقدير كونه منها واثار دم الحيض على تقدير كونه حيضا ولا دليل على مدخلية الاختبار في قوام تلك الآثار حتى
(٢٥٩)