من صفة الوجوب نعم ربما يكون مثل هذا القصد مفسدا للعمل إذا كان عبادة بناء على أن قصد الخلاف مضر كما سيأتي الكلام فيه لكنه على تقدير صحته كما هو المفروض لا يعقل ان يتصف الا بالوجوب وما يأتي به ثانيا لا يقع الا ندبا لزوال صفة الوجوب بحصول الواجب فلم يبق فيها بعد حصول مقدار الواجب في الخارج الا الرجحان الغير المانع من النقيض ولو كانا مما يمكن ايجادهما دفعة كما لو امره باعطاء درهم وجوبا ثم امره باعطاء درهم آخر ندبا فأوجدهما بفعل واحد أو في زمان واحد لا يتصف ما أوقعه الا بصفة الوجوب الا ان ما اتى به أفضل فردي الواجب لاشتماله على مصلحة كلا الامرين ولو أوجدهما تدريجا فكالصورة السابقة كما لا يخفى وقد ظهر مما قررنا لك من اشتراك الفعل في هذا القسم بين الوجوب والاستحباب انما هو بالقوة لا بالفعل لأنه ما دام معروضا للوجوب لا يتصف بالاستحباب وما دام متصفا بالاستحباب لا وجوب له فلو نوى بفعله امتثال الامر المنجز في حقه المتوجه إليه فعلا أجزأه عن قصد الوجوب والاستحباب كما أن قصد القيد في القسم السابق كان مجزيا عن ذلك فلا يتوجه ما أورده في التذكرة بقوله اما الفريضة والندبية فلا بد من التعرض لهما عندنا لان الظهر يقع على وجهي الفرض والندب كصلاة الصبي ومن أعادها للجماعة فلا يتخصص لأحدهما الا بالقصد إذ ليس لما تنجز في حقه طلبه فعلا الا وجه واحد وان كان ذاته قابله للوجوه باعتبار اختلاف أحوال المكلف دون المهية الواقعة في حين الطلب هذا مع أنه لا حاجة إلى تشخيص مثل هذه الوجوه الغير المنوعة للطبيعة لان المعتبر في باب الإطاعة انما هو تعيين المهية الواقعة في حين الطلب وايجادها بداعي امتثال الامر وهذا المعنى لا يتوقف حصوله في هذا القسم على تصور الوجوب أو الاستحباب نعم قد يقع الحاجة إلى تصورهما في القسم السابق إذا تعذر معرفة الفعل المقيد الواقع في حيز الامر لجهالة القيد فيجعل في مثل هذا المورد عنوان الوجوب معرفا اجماليا للقيود المعتبرة * (واما) * الخصوصيات الملحوظة في هذا القسم الموجبة لقصر الحكم على بعض تحصلات الطبيعة فلا يجب تصورها في حصول الإطاعة الا بناء على القول بوجوب معرفة وجه الوجوب لو فسرناه بالمصالح والمفاسد المقتضية للحكم وستعرف ضعفه [انش] وبما ذكرنا ظهر أن ما ذكره شيخنا المرتضى [ره] في توجيه مذهب المشهور القائلين بوجوب قصد الوجه في هذا القسم من لزوم تصور الفعل بجميع خصوصياته وقصد الوجه معرف لها وكاشف عنها ثم أورد عليهم بكفاية قصد امتثال الامر المتوجه إليه فعلا عن ذلك لا يخلو عن نظر واعترض شارح الروضة على ما حكى عنه على القائل باعتبار قصد الوجوب والندب مستدلا عليه بوجوب ايقاع الفعل على وجهه انه ان أريد وجوب ايقاع الفعل على وجوهه وصفاته وخواصه التي تعلق الامر بالفعل مقيدا بها فهو مسلم لكن الوجوب والندب ليسا من ذلك وان أريد ايقاعه على وجوه الامر فغير مسلم بل لا محصل له توضيح الاعتراض ان الوجوب والاستحباب من مراتب الطلب فلا يعقل جعلهما من مميزات المطلوب وأوصافه لتأخر رتبتهما عنه والواجب على العبد تشخيص المطلوب لا تعيين مراتب الطلب فقصد الوجوب والاستحباب لا يرجع إلى محصل وأجيب عنه بان القائل باعتباره لا يقول به لكونهما من العوارض المشخصة للفعل حتى يتوجه عليه الاعتراض بل يجعلهما معرفا لها وكاشفا عنها ولكنك عرفت اختصاص الحاجة إلى التميز بالقسم السابق مع أن القائل باعتبار قصد الوجه يقول به مطلقا فالاعتراض متوجه عليه بالنسبة إلى القسم الأخير جزما نعم له دفعه في القسم السابق بما ذكر في الجواب ولكن يتوجه عليه أيضا كفاية تصور القيد في حصول التميز والاستغناء به عن قصد الوجه فلا ينحصر التعيين بذلك كما أنه لو بنينا على لزوم تصور الخصوصيات الملحوظة في نفس المولى الموجبة لقصر الحكم على بعض الافراد في القسم الأخير لقلنا بكفاية قصد امتثال الامر المنجز عليه فعلا في ذلك من دون حاجة إلى تصور خصوص الوجوب والاستحباب فلاحظ وتدبر وقد ظهر بما قررنا انه لا يعتبر في حصول الإطاعة الا تصور كون المأتي به مطلوبا واما تصور كونه على سبيل الحتم والالزام أم على نحو الاستحباب فلا فليس على العبد بعد علمه بجنس الطلب التكلف باحراز الخصوصيتين بالاجتهاد أو التقليد خلافا لصريح بعض وظاهر آخرين من عدم كفاية ذلك في الامتثال بل يجب عليه الاستعلام بتقليد أو اجتهاد ولكنك عرفت أن الأقوى خلافه وانه لا يعتبر الا احراز كونه مطلوبا فلا يضره الجهل بالخصوصيتين بل لو نوى الوجوب في المندوب أو العكس جهلا صح العمل إذا قصد بفعله امتثال الامر المتعلق به الذي يعتقد انه امر استحبابي لان هذا الاعتقاد لم يؤثر في خروج الفعل من كونه مانيا به بداعي الطلب المتعلق به الذي هو مناط حصول الإطاعة نعم لو لم يقصد بفعله الا امتثال الطلب المقيد بكونه استحبابيا ففي الصحة اشكال من حيث إن ما نواه غير موجود والموجود غير منوى ولكن الأقوى فيه أيضا الصحة كما سيأتي تحقيقه انشاء الله وقد ظهر أيضا انه لا وجه لاعتبار ملاحظة الوجوب والندب أو وجهما غاية للفعل لأنه ان أريد الوجوب والندب الشرعيان ومن وجهما سبب ايجاب الشارع وندبه فقد عرفت أنه لا يجب على المطيع الا ايجاد المهية المأمور بها بداعي الامر ولا يتوقف ذلك على احراز مراتب الطلب ولا على احراز سببه بل يكفي في حصوله علمه بجنس الطلب وايجاده بداعي كونه مأمورا به على سبيل الاجمال هذا مع أن القربة المعلوم اعتبارها غاية في حصول الإطاعة في الشرعيات التي هي عبارة عن ايجاد الفعل الذي يحصل به القرب بعنوان كونه [كك] خالصا مخلصا لله [تعالى] مغنية عن
(١٠١)