الغسل أو الوضوء عدا ما اضطرت إليها من الواجبات لا غيرها مثل مس المصاحف ودخول المساجد لكنك عرفت عدم الخلاف ظاهرا في أنها إذا أتت بما عليها من الأفعال جاز لها الاتيان بجميع الغايات في الجملة فيكشف ذلك عن أن طهارتها وان كانت حكمية لكنها بمنزلة الحقيقة في الأثر وقد تقدمت الإشارة في صدر المبحث إلى أنه لا ينبغي الارتياب في جواز اتيانها بالنوافل لكن يجب عليها عند كل صلاة وضوء بل الظاهر عدم الخلاف في مشروعيتها وان اختلفوا في كفاية وضوء الفرايض أو غسلها لها أو وجوب تحديد الوضوء لكل صلاة وقد عرفت أن الثاني هو الأشبه فالظاهر عدم اختصاص مشروعية الوضوء بما لو أتت به لغاية واجبة بل يظهر منهم كونه من المسلمات كما أنه يظهر منهم كون الغسل أيضا كذلك حيث صرحوا بوجوب الاتيان به لصلاة الليل لمن أراد فعلها وان اختلفوا في كفايته عن غسل الغداة وعدمها وكيف كان فالظاهر أن جواز فعل الوضوء أو الغسل لسائر الغايات في الجملة من المسلمات بل يمكن استفادته من النصوص خصوصا الاخبار الآتية في حكم وطيها فالأظهر ان لها الاتيان بالوضوء أو الغسل لكل غاية وانه إذا أتت بشئ منهما لشئ من غاياته يستباح به جميع غاياته ما دام اثره باقيا والقدر المتيقن من بقاء اثره انما هو ما لم يتحقق الفراغ من الغاية المنوية بشرط اتحادها عرفا واتصالها بالوضوء أو الغسل والاحتياط لا ينبغي تركه بحال والله العالم بحقايق احكامه * (اعلم) * انهم اختلفوا في جواز وطى المستحاضة قبل الغسل على أقوال فقيل بالجواز مطلقا كما عن المعتبر والتذكرة والتحرير والدروس والبيان والمؤجر وشرحه والروض ومجمع الفائدة والمدارك والذخيرة وغيرهم وعن بعضهم التصريح بجوازه على كراهة وقيل بتوقفه على أفعالها [مط] قليلة كانت أو كثيرة أغسالا كانت أو غيرها كما نسبة في كشف اللثام إلى ظاهر المقنعة والاقتصار والجمل والعقود والكافي والاصباح والسرائر وحكاه عن ظاهر أبى على ومصباح السيد وعن ظاهر المعتبر والتذكرة والذي نسبته إلى ظاهر الأصحاب معللين ذلك بأنهم قالوا يجوز لزوجها وطيها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة وقواه صريحا بعض متأخري المتأخرين كصاحبي الحدائق والرياض وقيل بتوقفه على الغسل والوضوء دون سائر أفعالها كما عن ظاهر الشيخ في المبسوط وقيل بتوقفه على الغسل الخاصة كما عن ظاهر الصدوقين في الرسالة والهداية بل ربما احتمل تنزيل كلام كل من كان ظاهره أحد القولين المتقدمين عليه لبعد ارادتهم توقفه على ما عدا الغسل خصوصا مثل تبديل الخرقة والقطنة كما يؤيده ما استظهره شيخنا المرتضى من جامع المقاصد فإنه قال بعد تقويته هذا القول ويظهر من جامع المقاصد ان الخلاف فيه لاغير وان المراد من الأفعال في عبارتهم الأغسال حيث قال في شرح قول المصنف قده ومع الأفعال تصير بحكم الطاهر المراد بالأفعال جميع ما تقدم من الغسل والوضوء وغيرهما إلى أن قال ويلوح من مفهوم عبارته انها بدون الأفعال لا يأتيها زوجها وانما يراد بها الغسل خاصة إذ لا تعلق للوطي بالوضوء واختاره في المنتهى وأسنده إلى ظاهر عبارات الأصحاب واستدل بالاخبار الدالة على الاذن في الوطي بعد الغسل انتهى ما حكاه الشيخ عن جامع المقاصد وربما يظهر من بعض توقف الوطي على غسل الفرج اما خاصة أو مع الأفعال السابقة واستدل للجواز بالأصل وعمومات حل الأزواج وما ملكت ايمانهم وخصوص قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن وصحيحة ابن سنان ولا بأس ان يأتيها بعلها إذا شاء الا أيام حيضها وقول أبى الحسن (ع) في صحيح صفوان لا هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين صلاتين بغسل ويأتيها زوجها ان أراد وفي صحيحة معاوية بن عمار وهذه يأتيها بعلها الا أيام حيضها وموثقة زرارة فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها بناء على أن الظاهر من الحل لغة وعرفا حلية الصلاة لها في مقابل حرمتها عليها لا اجزائها وصحتها في مقابل فسادها ويؤيده ان صحة الصلاة تتوقف على الاحتشاء والاستثفار ولا يتوقف عليهما الوطي وكيف لو أريد إباحة الدخول من جميع الجهات لا من حيث الإباحة الذاتية للزم توقف الوطي على سائر مقدمات الصلاة التي لا تباح الصلاة بدونها اللهم الا ان ينزل الرواية على إرادة ما يتوقف عليه إباحة الصلاة من حيث حدث الاستحاضة كما يظهر من قوله (ع) في أول الرواية المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها ثم تحتاط بيوم أو يومين ثم تغتسل كل يوم وليله ثلاث مرات ولتحتشي الصلاة الغداة وتجمع بين الظهر والعصر بغسل وتجمع بين المغرب والعشاء بغسل فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها قال شيخنا المرتضى [ره] بعد تقريب الاستدلال بالرواية على الوجه المتقدم على الانصاف عدم صحته الاستدلال بها لمذهب الجماعة لو لم يتمسك بها لخلافهم من حيث إن المتبادر عرفا إباحة الدخول في الصلاة في مقابل المحدث الذي لا يستبيح الصلاة وعدم اباحتها للحائض من هذه الجهة أيضا لا من جهة الحرمة الذاتية انتهى ويؤيده استدلال صاحب الحدائق بها لمذهبه لكن الانصاف ضعف الاستدلال بها لمذهب الخصم بل ظهورها في المعنى الأول بإرادة حلية الصلاة لها في مقابل أيام أقرائها الا انه ليس ظهورا يعتد به بحيث يزاحم ما سيأتي دليلا للخصم على تقدير تماميته واستدل للقول بتوقفه على جميع الأفعال أيضا بالموثقة المتقدمة التي عرفت حالها وبصحيحة محمد بن مسلم التي حالها حال الموثقة في صلاحيتها للاستشهاد بها لكل من القولين بمعنى امكان تنزيلها على كل منهما لو لم ندع أظهريتها في المعنى الأول وهي ما رواه المحقق في المعتبر من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن الباقر عليه السلام أنه قال في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى فيها فلتقعد عن الصلاة
(٣٢٩)