مع أنها بعيدة عن مساق بعضها ليست بأولى من دعوى تنزيل المطلقات على ذلك بل الثانية أولى جزما وكيف لا وقد ادعى غير واحد ان الغسل لا يطلق حقيقة على الغسل بغير الماء هذا مع أن قيام الاحتمال كاف في عدم جواز رفع اليد عن ظاهر المقيد وتحكيمه على الاطلاق * (ومنها) * الاستشهاد برواية الغياث المتقدمة مع ما فيها وخبر حكم بن حكيم الصيرفي قال قلت للصادق عليه السلام أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فامسحه بالحائط والتراب ثم تعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس * (وفيه) * ان هذا الخبر لا يدل على مطلوبهم إذ الظاهر منه كون نجاسة اليد مفروغا عنها عند السائل وانما مسحه بالحائط والتراب لحصول الجفاف المانع من السراية فسؤاله انما هو عن حكم الممسوح بعد ما تعرق يده ومعلوم ان الجواب [ح] على وفق القاعدة إذ لا يقطع الانسان غالبا بمباشرة الجزء حال كونه مشتملا على رطوبة مسرية وعلى تقدير تسليم ظهوره في طهارة اليد بإزالة البول بالمسح بالحائط والتراب ففيه ان نجاسة البول لا تزول عن الجسد بالتراب باتفاق منا ومن الخصم بل لا قائل به بيننا فلا بد من حمله على التقية والله العالم * (ويجوز) * استعماله أي الماء المضاف فيما عدا ذلك أي إزالة الحدث والخبث من الأكل والشرب وسائر الانتفاعات المحللة للأصل ومتى لاقته النجاسة نجس قليله وكثيره اجماعا منقولا نقلا يورث القطع بتحققه ولم يخرج استعماله في اكل ولا شرب اختيارا كغيره من المتنجسات ويدل عليه مضافا إلى الاجماعات المنقولة المستفيضة بل المتواترة المعتضدة بعدم نقل الخلاف في المسألة ما يستفاد من تتبع الأدلة ان ملاقاة النجس برطوبة مسرية سبب للتنجيس مطلقا من دون فرق بين الجوامد والمايعات وان اختلفتا في كيفية الانفعال حيث إن كل جسم من الأجسام المايعة مجموع اجزائه المجتمعة في الوجود موضوع واحد للانفعال بخلاف الجوامد كما عرفت تفصيله عند التعرض لبيان وجه سراية النجاسة في مبحث الماء القليل ويدل عليه أيضا ما رواه السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل من قدر طبخت فإذا فارة في القدر قال يهراق مرقها ثم يغسل اللحم ويؤكل ورواية زكريا بن ادم عن أبي الحسن (ع) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير قال يهراق المرق أو يطعم أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله وكله والمناقشة في دلالتهما باحتمال كون الامر بإراقة المرق لاشتماله على المحرم * (مدفوعة) * باستهلاك الأعيان المحرمة في الصورة المفروضة فلولا نجاسة المرق لما امر بإهراقه وغسل اللحم ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا وقعت الفارة في السمن فماتت فإن كان جامدا فالقها وما يليها وكل ما بقي وان كانت ذائبا فلا تأكله واستصبح به والزيت مثل ذلك وظاهرها على ما يساعد عليه ما هو المغروس في الأذهان كون الذوبان والميعان علة النجاسة الكل فيستفاد منه عموم الحكم للمضاف وكل مايع فالمناقشة في دلالتها بخروجها عن محل الكلام غفلة ويدل عليه أيضا ما دل على نجاسة سؤر اليهودي والنصراني فإنه يشمل المضاف وكل مايع * (ثم) * لا يخفى ان استفادة انفعال الكثير من هذه الأخبار في غاية الاشكال لان المتبادر إلى الذهن من مواردها ليس إلا القليل فالعمدة في المقام انما هو الاجماع اللهم الا ان يدعى عدم مدخلية وصف الكثرة في موضوع الحكم كغيرها من الخصوصيات التي نعلم بعدم مدخليتها في الموضوع واثبات هذه الدعوى يتوقف على رسم مقدمة وهي انه لو سئل الإمام (ع) عن اناء مملوء من الخل والعسل الواقع فيه شئ من النجاسات فقال ارقه أو نجس أو ينجس أو غير ذلك من الألفاظ فان علمنا بالقرائن الداخلية والخارجية عدم مدخلية شئ من الخصوصيات في موضوع الحكم بل المناط انما هو ملاقاة المايع للنجس مطلقا فلا اشكال في جواز التمسك بهذا الكلام في كل مقام بالنسبة إلى كل مايع كما عليه سيرة العلماء من الاستدلال بالقضايا الشخصية للاحكام الكلية وليس ذلك الا للعلم بعدم مدخلية الخصوصيات فتكون القضية في الحقيقة كلية بحسب الموضوع فيعامل معها معاملة الكلية وهذا مما لاخفاء فيه وانما الاشكال فيما لو احتمل مدخلية بعض هذه الخصوصيات في الحكم و [ح] نقول ما يحتمل ان يكون له مدخلية في الحكم من تلك الخصوصيات على أقسام * (منها) * ما كان مدخليته بطريق الجزئية كما في المثال السابق لو شك فيه في أن الحكم مخصوص بالخل والعسل المجتمعين في الاناء أم يعم كلا منهما في حال الانفراد أيضا * (ومنها) * ما إذا كان المدخلية فيه بطريق الشرطية وهذا على قسمين لان الامر المشكوك شرطيته اما وصف وجودي ككونه مال زيدا وكونه في مكان خاص أو كونه بمقدار معين من رطل أو من أو غير ذلك من الأوصاف الوجودية واما امر عدمي ككونه غير منضم إلى غيره أو غير موجود في المكان الفلاني إلى غير ذلك ومرجع الأخير إلى الشك في المانعية * (إذا عرفت) * ذلك فنقول لاشك ولا شبهة انه لا يصح التمسك بهذه القضية الشخصية في شئ من موارد الشك في القسمين الأولين ووجهه واضح لقصور اللفظ عن شمول غير المورد إذ لا اطلاق في البين حتى يتمسك بالاطلاق بل هي قضية شخصية في واقعة جزئية لا يجوز التخطي عنها الا بعد القطع بإلغاء الخصوصية والمفروض انتفائه في المقام * (واما) * القسم الثالث فالظاهر كفاية الشك فيه في الحكم بعموم الحكم والسر في ذلك ما أشرنا إليه من أن شرطية العدم مرجعها إلى مانعية الوجود لا غير ووجهه ان العدم لا يعقل ان يكون له مدخلية في التأثير شرطا كان أم جزء لان ثبوت الشرطية والجزئية فرع ثبوت المثبت له والعدم عدم ذاتا فلا يكون مؤثرا
(٥٦)