ما دل على المنع بعورة المسلم وعدم ما يدل على العموم عدا النبويين المتقدمين قال شيخنا المرتضى [ره] وفي إفادة النبوي للعموم كلام فضلا عن بقائه عليه مع الخبرين المذكورين نعم العمدة في تأييد النبوي الشهرة وعدم نقل الخلاف فيه وإلا لكان العمل بالخبرين قويا انتهى ولا يخفى عليك ان طرح الخبرين بمجرد اعتضاد النبوي بالشهرة في غاية الاشكال اللهم الا ان يقال إن اعراض الأصحاب عنهما أسقطهما عن الحجية والله العالم ثم إن العورة التي يجب سترها عن الناظرين كما عن المشهور هي القبل والدبر والبيضتان كما يدل عليه مرسلة أبى يحيى الواسطي العورة عورتان القبل والدبر والدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة وغيرها من الروايات التي سنتعرض لنقلها مع ما يتعلق بها من ذكر الخلاف الواقع في تحديد العورة في كتاب الصلاة أنشأ الله وما في بعض الروايات من أن العورة ما بين السرة والركبة محمول على الاستحباب ولا يخفى عليك ان وجوب السر في هذا الباب انما هو للحفظ عن الناظرين فيسقط الامر بالتستر بكل ما يحصل به الغرض ولو كان بوضع اليد أو باستتاره في مكان مظلم لا يرى عورته أو الاختفاء في حفيرة أو الارتماس في الماء أو البعد المفرط المانع من الرؤية إلى غير ذلك من انحاء الحفظ وهذا بخلاف باب الصلاة فان التستر في حد ذاته شرط لصحة الصلاة فلابد فيه من مراعاة منصرف الأدلة والواجب من الستر ما يحصل به مسماه بحيث لا يعد في العرف مكشوف العورة فلا بأس بالتفافها بساتر ملتصق بها حاكيا لحجمها على ما هي عليه ولا بالساتر الرقيق الذي يحكى شكل العورة من ورائه لو لم يكن من الرقة وسعة منافذه على وجه لا يعد في العرف حاجبا لما ورائه ولا اعتبار بالدقة العقلية كما في غيره من الأحكام الشرعية وانما المدار على الصدق العرفي ودعوى انصراف ما دل على وجوب الحفظ عن مثل الخرقة الملفوفة بالبشرة حاكية لحجم العورة غير مسموعة ثم إن وجوب الحفظ على المكلف موقوف على علمه بوجود الناظر بالفعل أو بتجدده حال كونه مكشوف العورة كما لو دخل بلا مئزر في الحمامات التي يعلم عادة بدخول غيره فيها وفيما لو ظن بذلك اشكال من أن الأصل براءة الذمة عن التكليف كغيره من الشبهات الموضوعية ومن انه لو بنى على اعمال هذا الأصل في مجاريه لوقع المكلف غالبا في مفسده مخالفة الواقع وكذا الكلام في وجوب غض النظر في المواضع التي يعلم عادة بوقوع نظره على عورة الغير وفي المواضع التي يظن بذلك الوجهان أحوطهما الثاني وان كان الأول هو الأقوى ويستحب ستر البدن والمراد بالستر هنا كما في المدارك جلوس المتخلي بحيث لا يراه أحد بان يبعد عن الناس أو يلج حفيرة أو يدخل بناء ونحو ذلك ويدل على استحبابه كونه تأسيا بالنبي حيث إنه صلى الله عليه وآله على ما روى لم ير على بول ولا غائط وروى عن الصادق (ع) في مدح لقمن (ع) انه لم يره أحد على بول ولا غائط ولا اغتسال الشك تستره وتحفظه في امره وروى عنه (ع) من اتى الغائط فليستتر اما ستر بدنه بعباء ونحوه كما يقتضيه مقابلة البدن بالعورة في عبارة المصنف [ره] فقد صرح شيخنا المرتضى [ره] بعدم عثوره على دليل استحبابه * (أقول) * يمكن استفادة استحبابه من المرسلة المعروفة في الكتب الدائرة على الألسن من أن الميسور لا يسقط بالمعسور فان التستر بالعباء ونحوه من المراتب الميسورة بنظر العرف وسيتضح لك [انش] عدم قصور قاعدة الميسور عن شمول مثل الفرض بل لا يبعد دعوى استفادته من اطلاق الامر بالتستر في الرواية ودعوى انصرافها عن مثل الفرض قابلة للمنع ويحرم استقبال القبلة واستدبارها كما عن المشهور بل عن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه واستدل له بعد نقل الاجماع المعتضد بالشهرة برواية الحسين بن زيد عن الصادق (ع) عن ابائه عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال في حديث المناهي إذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة وعن الفقيه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن استقبال القبلة ببول أو غائط وخبر عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال قال النبي صلى الله عليه وآله إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولكن شرقوا أو غربوا وفي مرفوعة عبد الحميد سئل الحسن بن علي (ع) ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها وعن الكافي والتهذيب والفقيه مثلها مرسلة إلى أبي الحسن (ع) وعن المقنع انه رواها مرسلة عن الرضا (ع) وعن علي بن إبراهيم دفعه قال خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله (ع) وأبو الحسن موسى (ع) قائم وهو غلام فقال له أبو حنيفة يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم فقال (ع) اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت والمناقشة فيها بضعف السند بعد استفاضتها وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا حتى لم ينقل عن أحد طرحها رأسا مما لا ينبغي الالتفات إليها واشتمال بعضها على بعض المكروهات كاستقبال الريح واستديارها أو مالا يقول أحد بظاهره كالأمر بالتشريق والتغريب إن لم نقل بان ظاهره بقرينة المقابلة إرادة الميل إلى جهة المشرق والمغرب لا خصوص جهتهما لا يوجب رفع اليد عن ظهور النهى عن استقبال القبلة واستدبارها في الحرمة إذ ما يصلح ان يكون قرينة لذلك ليس إلا وحدة السياق وفي كفايتها بنفسها للصارفية تأمل خصوصا في مثل المقام المعتضد ظهوره بالشهرة ونقل الاجماع والأخبار المستفيضة فما في المدارك من تقويه القول بالكراهة
(٨٢)