سائر اجزاء القران التام وبين عدمه لان القران بحسب الظاهر اسم للطبيعة الصادقة على الكل والبعض هذا مع أن المنهى عنه في الاخبار انما هو مس جزء القران لا مجموعه لان هذا هو المتعارف من المس وليس انضمام اجزاء القران بعضها ببعض في وجوده الكتبي من مقومات جزئيته وكون المنهى عنه في الموارد الخاصة جزء من القران المكتوب لا يوجب تخصيص الحكم به نعم صدق القران أو جزئه على الاطلاق على الكلمة التي وجدت من كاتبها بقصد كتابة القران من دون ان ينضم إليها ما يمحضها للقرانية اشكال خصوصا مع اعراض كاتبها عن قصده ولا سيما مع الحاق ما يخرجها من صلاحية الجزئية للقران ولكن الصدق عرفا في الفرض الأول وعدمه في الفرض الأخير غير بعيد وفي الصورة الثانية تأمل والله العالم ولا يختص حرمة المس بالكف بل يعم سائر الجسد لاطلاق الأدلة وخصها بعضهم بما تحله الحياة وهو حسن بالنسبة إلى الشعر الذي لا يعد عرفا من توابع الجسد دون الظفر ونحوه إذ الظاهر اطلاق المس عليه عرفا ولو شك في صدق المس عرفا على مورد فمقتضى الأصل جوازه لما تقرر في الأصول من أن المرجع عند الشك في تحقق المفهوم المحرم انما هو أصالة البراءة كما في المشكوك في كونه غناء لا الاحتياط كما قد يتوهم واعلم أنه الحق بالقران لفظ الجلالة بل جميع أسمائه المختصة به تعالى وربما علل ذلك بالفحوى ونوقش فيها بالمنع وأجيب بان المستفاد من الآية بشهادة سياقها وتوصيف القران بكونه كريما ان مناط الحكم كرامة القران وشرافته فالفحوى تامة فالمتجه حينئذ الحاق باقي الصفات المراد بها الذات المقدسة باعتبار بعض صفاته أو أفعاله تعالى بل الحاق أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام به للمناط وان كان لا يخلو تنقيحه عن تأمل كما أن تسمية أصل الاستدلال بفحوى الخطاب لا تخلو عن نظر والله العالم * (فرع) * هل يجوز تمكين المجانين والصبيان من مس كتابة القران لو لم يوجب توهينه عرفا كما لو ناولهم الولي للقرائة فهل يجب عليهم منعهم من المس وجهان من اختصاص النهى بالبالغين وعدم الدليل على وجوب منع غير المكلف وقيام السيرة على اعطاء القران بأيدي الأطفال مع أن العادة تقضى بعدم انفكاكه عن مس كتابته ومن منع السيرة الكاشفة عن امضاء المعصوم وان المقصود من النهى تعظيم القران واحترامه لا مجرد ترك المكلف هذا الفعل كما يشعر بذلك التعبير في الآية بالجملة الخبرية فمس غير المطهر من الأمور التي على من الشرع ان المطلوب عدم حصولها في الخارج مثل السرقة وغيرها من القبايح التي يجب على الولي منع الأطفال والمجانين من ارتكابها والانصاف انه لولا القطع برجحان تعليم الأطفال قراءة القرآن وامتناع عدم حصول المس منهم في طول مدة التعلم وكون تكليف الولي بالمراقبة و المحافظة في طول هذه المدة حرجا لكان القول بالمنع وجيها فالأوجه القول بالجواز ورجحان منع الولي من المس الأبعد الوضوء تمرينا والله العالم * (المسألة الثامنة) * من به السلس وهو الداء الذي لا يستمسك معه البول فإن كان له فترة تسع الوضوء والصلاة يجب انتظارها على ما تقتضيه القواعد الشرعية بلا تأمل واشكال والا ففيه اشكال بل خلاف قيل بل نسب إلى المشهور انه يتوضأ لكل صلاة وعفى عما يتقاطر منه في أثنائها وعن الحلي التفصيل بين ما لو كان التقاطر متواليا فكالمشهور أو متراخيا فليتوضأ ويبنى على ما مضى وعن المبسوط انه يصلى بوضوء واحد عدة صلوات ولا يتوضأ الا مع البول اختيارا ونسب إلى جماعة من المتأخرين الميل إلى مقالته وعن العلامة في المنتهى انه يجمع بين الظهرين بوضوء وبين العشائين بوضوء وللصبح وضوء وعن جماعة من متأخري المتأخرين الميل إلى قوله وتنقيح المقام يتوقف على تحقيق ما تقتضيه القواعد العامة ثم الجمع بينها وبين ما يستفاد من الأدلة الخاصة فنقول مقتضى القاعدة الأولية سقوط المشروط أعني الصلاة يتعذر شرطه أعني الطهور ولكنه مخالف للنص والفتوى فالامر يدور بين تخصيص لا صلاة الا بطهور أو رفع اليد عن عموم ناقضية البول في حق المسلوس في الجملة لا سبيل إلى الأول للقطع بوجوب التطهير وإزالة اثر سائر أسباب الحدث ما عدا البول بل البول أيضا إذا كان اختياريا له بمقتضى طبعه فهذا كاشف عن عدم ارتفاع شرطية الطهارة في حقه وقد عرفت في محله اتحاد طبيعة الحدث الأصغر بل الأكبر أيضا بالنسبة إلى أنواع أسبابه كالجنابة والحيض وغيرهما فلا مجال لتوهم بقاء شرطية التطهير من سائر الاحداث دون حدث البول خصوصا مع ما عرفت من وجوب إزالة حدث البول أيضا في الجملة اجماعا فظهر لك عدم ورود التخصيص على قوله (ع) لا صلاة الا بطهور في حق المسلوس فتعين رفع اليد عن عموم ما دل على ناقضية البول وارتكاب التصرف فيه اما بتخصيص أو تقييد على وجه تقتضيه القواعد وربما يدعى انصراف ما دل على ناقضية البول إلى الافراد المتعارفة وما يتقاطر من المسلوس ليس منها وفيه ما عرفت في محله من عدم اختصاص ناقضية البول وغيره من الاحداث بالافراد بالمتعارفة بل الحكم محمول على طبائع الاحداث من حيث هي ولذا يجب من غير خلاف إعادة الوضوء على من خرج منه قطرة بول بل أقل منها حتى البلة ولو اضطرارا بغير داء السلس فهذه الدعوى فاسدة جدا بل لا بد من ملاحظة الدليل الذي أوجب التصرف فيما دل على
(١٩٣)