والمتأخرين بها في غاية الاشكال والاعتماد عليها في رفع اليد عن ظواهر الأدلة المتكاثرة أشكل فالاحتياط بتدارك عباداتها بعد انقضاء العشرة التي رأت في خلالها الدم بمقدار ثلاثة أيام مما لا ينبغي تركه واما تكليفها في تلك الأيام فهو التحيض عند رؤية الدم و البناء على الطهارة مع النقاء اما في ذات العادة فواضح وفي غيرها أيضا كذلك على الأظهر كما ستعرف والله العالم واستدل أيضا صاحب الحدائق تبعا لغيره لعدم اعتبار التوالي في الثلاثة باطلاق الصحيح أو الحسن بإبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى وان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة وموثقة محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وان رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى وان رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة قال في تقريب الاستدلال انهما ظاهرتان في أنه إذا رأت المرأة الدم بعد ما رأته أولا سواء كان الأول يوما أو أزيد فإن كان بعد توسط عشرة أيام خالية من الدم كان الدم الثاني حيضة مستقبلة وان كان قبل ذلك كان من الحيضة الأولى وفيه مالا يخفى فان التمسك باطلاق كون الدم الثاني من الحيضة الأولى فرع أحرار كون الأول حيضا وهذا ممالا كلام فيه وانما النزاع في أنه هل يشترط في كون الأول حيضا ان يستمر ثلاثة أيام أم لا فكيف يتمسك بهذا الاطلاق لنفى ما يشك في اعتباره في حيضية الأول هذا مع امكان دعوى ظهور الموثقة في حد ذاتها في ما عليه المشهور لما عرفت فيما سبق من ظهور قوله (ع) أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام في إرادة الاستمرار والتوالي فالمقصود من الرواية على ما هو الظاهر منها ان أقل ما يكون الحيض ان يستمر الدم ثلاثة أيام فان انقطع بعدها ثم عاد قبل انقضاء العشرة فهو من الحيضة الأولى وان رأته بعد العشرة فهو من حيضة مستقبلة ثم لا يخفى عليك ان الشرطيتين في هاتين الروايتين ليستا مسوقتين لبيان ان كل دم رأته قبل العشرة فهو دم الحيض ويعد من الحيضة الأولى وكل دم رأته بعد العشرة فهو من حيضة مستقبلة بل هما مسوقتان لبيان انها لو رأت دم الحيض قبل انقضاء العشرة فهو من الحيض الأول ولو رأت دم الحيض بعدها فهو من حيضة مستقبلة وليس اطلاقهما وارد البيان جميع ما يعتبر في مهية الحيض حتى يتمسك به لنفى ما يشك في اعتباره في مهية الحيض من اعتبار التوالي ونحوه ولا سيما الشرطية الثانية في الموثقة فإنها بحسب الظاهر تعبير عما يفهم من الشرطية الأولى والمقصود الأصلي منها ليس إلا بيان عدم كون الدم المرئي بعد العشرة من الحيضة الأولى والحكم بكونه حيضا مستقلا جار مجرى الغالب وبهذا ظهر لك جواب آخر عن الاستدلال بالروايتين لنفى اشتراط التوالي وملخصه ان اطلاقهما مسوق لبيان حكم آخر لا لبيان شرائط الحيض وكذا ظهر لك ضعف استدلال صاحب الحدائق بهما لا ثبات كون النقاء المتخلل بين الحيضة الواحدة ظهرا وانه يعتبر في الحيضة الواحدة أن لا يتخلل بين أبعاضها عشرة أيام خالية من الدم نظرا إلى ظهور الروايتين في اتحاد المراد من العشرة التي وقع التفصيل فيها بين رؤية الدم قبلها فيكون من الحيضة الأولى أو بعدها فيكون من حيضة مستقبلة ولا شبهة ان العشرة التي يحكم يكون الدم المرئي بعدها حيضة مستقبلة مبدئها من حين انقطاع الدم لا من حين رؤيته ومقتضى التفصيل الواقع في الروايتين كون الدم المرئي قبل هذه العشرة التي مبدئها من حين انقطاع الدم من الحيضة الأولى فوجب ان يكون أيام النقاء ظهرا والا للزم ان يكون حيضة واحدة أكثر من عشرة أيام فيما لو رأت يوما أو يومين أو ثلاثة ثم رأت في اليوم العاشر من حين الانقطاع وهو خلاف النص والاجماع * (وفيه) * ان المراد من العشرة التي حكم بكون الدم المرئي قبلها من الحيضة الأولى هي العشرة مبدئها من حين رؤية الدم كما هو الظاهر المتبادر منهما المعتضد بغيرهما من النص والاجماع واما الحكم بكون الدم المرئي بعدها من الحيضة المستقبلة فقد عرفت أنه مبنى على الاهمال ولم يقصد منه الا كونه من الحيضة المستقبلة بشرط اجتماعه الشرائط الحيضية التي منها حصول الفصل بينه وبين الحيض الأول بأقل الطهر كاشتراطه بعدم كونه أقل من ثلاثة أيام هذا مع أنه في بعض النسخ التي عثرنا عليها منها نسخة الحدائق الموجودة عندي رويت الموثقة بتنكير العشرة الثانية هكذا أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وان رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وان رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى وظاهرها عدم اتحاد العشرتين وكيف كان فلو سلم ظهورها في الاطلاق فلابد اما من تقييده بقوله (ع) أدنى الطهر عشرة أو من حمل العشرة في خصوص الشق الثاني من الترديد على إرادة ما كان ابتدائها من حين انقطاع الدم واما الشق الأول فليس المراد من العشرة فيه الا ما كان مبدئها من يوم رأت الدم والا للزم اما كون حيضة واحدة أكثر من عشرة أيام ان قلنا بان النقاء المتخلل في الأثناء حيض أو كون الطهر أقل من عشرة لو قلنا بأنه طهر وكلاهما مخالف للنص والاجماع وما ادعاه صاحب الحدائق من أن المراد من الطهر الذي دلت النصوص والفتاوى على أنه لا يكون أقل من عشرة أيام هو النقاء الواقع بين حيضتين مستقلتين ممالا ينبغي من الالتفات إليه إذ لا نتعقل من الطهر الا الحالة التي حكم عندها بعدم
(٢٦٧)