تقدير تسليم كونه حقيقة في النوم فالمراد منه في المقام على الظاهر هو الاغماء لأنه هو الذي يقتضيه العلة والمرض الشديد وفيه أن عدم قدرته على الاضطجاع لعله يشهد بإرادته عدم التمكن من النوم فتأخذه السنة ما دام مستندا بالوسائد والحاصل انه ليس في الرواية ظهور في إرادة الاغماء الحاصل من شدة المرض واستدل أيضا ببعض الأخبار المتقدمة الدالة على ناقضية النوم المزيل للعقل بدعوى ظهورها في إناطة الحكم بزوال العقل فإذا وجب الوضوء بالنوم يجب بالجنون والاغماء بالأولوية وفيه مالا يخفى بعد ما عرفت من كون الأخبار المتقدمة مسوقة لتحديد النوم الناقض لا لبيان ان علة ناقضيته هي ذهاب العقل من حيث هو نعم في التعبير بقوله (ع) وإذا ذهب النوم بالعقل وقوله (ع) والنوم حتى يذهب العقل اشعار بالعلية واما الدلالة فلا واستدل أيضا بقوله (ع) في رواية العلل المتقدمة واما النوم فان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخى فكان أغلب الأشياء عليه فيما يخرج منه الريح فوجب عليه الوضوء لهذه العلة ولا ريب في جريان هذه العلة في كل مذهب للعقل وفيه أن كون النائم في معرض حدوث هذا الحدث منه علة الوجوب الوضوء عليه مطلقا من العلل التعبدية التي تتوقف على التوظيف وتعميم الشارع حكمه بالنسبة إلى الموارد الخالية عن الحكمة المقتضية لثبوت الحكم فهذه العلل من قبيل بيان الحكم والمقتضيات لشرع الحكم لا العلة التامة ولذا لا يظن بأحد ان يحكم بانتقاض وضوء من عرض له حالة استرخاء وفتور على وجه لا يستحس بخروج الريح منه استنادا إلى عموم العلة المنصوصة هذا مع أن كون غير النائم ممن أزيل عقله كالنائم في فتح كل شئ منه بحيث يغلب عليه خروج الريح غير معلوم أو معلوم العدم واستدل أيضا بخبر دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عن ابائه عليهم السلام ان الوضوء لا يجب الا من حدث وان المرء إذا توضأ صلى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلاة ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكن منه ما يجب منه إعادة الوضوء ونوقش فيه بعدم الاعتماد على الكتاب المذكور وأجيب بانجبار الضعف بفتوى الأصحاب واجماعهم وفي كفاية اجماعهم في جبر سند الرواية ما لم يكن اعتمادهم عليها في الفتوى تأمل والسادس من الاحداث الموجبة لخصوص الوضوء الاستحاضة القليلة خلافا للمحكى عن الإسكافي فأوجب بها غسلا في اليوم والليلة والعماني فلم يوجب بها شيئا وربما يوهمه كلام من لم يذكرها من النواقض وتفصيل الكلام فيها يأتي انش في محله ولا ينقض الطهارة مذي وهو ما يخرج عند الملاعبة والتقبيل ونحوهما كما عن الصحاح والقاموس ومجمع البحرين ويرجع إليه ما نقل عن الهروي من أنه ارق ما يكون من النطفة عند الممازحة والتقبيل وما عن ابن الأثير من أنه البلل اللزج الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء وفي مرسلة ابن رباط عن أبي عبد الله (ع) قال يخرج من الإحليل المنى والمذي والودي والوذي فاما المني فهو الذي يسترخي العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل واما المذي يخرج من شهوة ولا شئ فيه واما الودي فهو الذي يخرج بعد البول واما الوذي فهو الذي يخرج من الأدواء ولا شئ فيه ويدل على عدم ناقضية المذي مضافا إلى الاخبار الحاصرة للنواقض والمرسلة المتقدمة اخبار مستفيضة بل كادت تكون متواترة وقضية تفسير المذي في المرسلة المتقدمة وفي كلمات اللغويين كالأصحاب بالماء الذي يخرج من شهوة ان موضوع هذه الأخبار الا كثيرة هو هذا الماء الخارج من شهوة وفي بعضها التنصيص على عدم ناقضية ما يخرج منه بشهوة مثل ما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) ليس في المذي من الشهوة ولا من الانعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد وما عن الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عمر بن يزيد قال اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة ولبست أثوابي وتطيبت فمرت بي وصيفة لي ففخذت بها وأمذيت وأمنت هي فدخلني من ذلك ضيق فسئلت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال ليس عليك وضوء فما عن الإسكافي من التفصيل بين ما يخرج بشهوة وبين غيره ضعيف وان كان ربما يشهد له خبر أبي بصير قلت لأبي عبد الله (ع) المذي يخرج من الرجل قال أحد لك فيه حدا قال قلت نعم جعلت فداك قال فقال إن خرج منك على شهوة فتوضأ وان خرج منك على غير ذلك فليس عليك وضوء وصحيح علي بن يقطين سئلت أبا الحسن (ع) عن المذي أينقض الوضوء قال إن كان من شهوة نقض وخبر الكاهلي سئلت أبا الحسن (ع) عن المذي أينقض الوضوء فقال ما كان منه من شهوة فتوضأ منه ولكنك خبير بقصور هذه الأخبار عن مكافئة ما تقدم من وجوه فهي محمولة على التقية كبعض الاخبار الامرة بالوضوء منه مطلقا كقول أبى الحسن (ع) في صحيحة يعقوب بن يقطين عن الرجل يمذي في الصلاة من شهوة أو من غير شهوة قال المذي منه الوضوء وعن الشيخ انه حملها على التعجب لا الاخبار قال ويمكن حملها على التقية أقول ولعل حملها على الاستحباب أولى كما يشهد به صحيحة ابن بزيع عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه سنة أخرى فأمرني بالوضوء منه وقال إن عليا (ع) امر المقداد ان يسئل رسول الله صلى الله عليه وآله واستحى ان يسئله فقال فيه الوضوء قلت وإن لم أتوضأ قال لا بأس وفي الحدائق عن بعض فضلاء متأخري متأخرينا احتمال حمل مطلق الأخبار الواردة في المسألة على مقيدها جمعا بين الاخبار فيجب الوضوء مما خرج بشهوة دون غيره وفيه بعد الغض عن الاخبار الصريحة الدالة على عدم ناقضية الخارج
(٧٩)