كون القضية شرطية بل انما هي لأجل اخذ الكرية قيدا للموضوع في مقام اعطاء القاعدة فيستفاد منه ان غير الكر ليس له هذا الحكم باطلاقه واما ان مطلقه ينفعل فلا يستفاد منه * (نعم) * يستفاد ذلك من صحيحة إسماعيل بن جابر قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الماء الذي لا ينجسه شئ فقال كر فان تخصيص الكر بالذكر في مثل المقام يدل على اختصاص الحكم به الا ان هذه الدلالة ليست بحيث تقاوم شيئا من الأدلة كما لا يخفى وقد ظهر مما تقدم ان الماء الجاري بل كل ماء ذي مادة لا ينجسه شئ من النجاسات الا ان يتغير باستيلاء اثر عين النجاسة ولو في ضمن متنجس على أحد أوصافه الثلاثة المعهودة في النص والفتوى وهي الطعم والريح واللون اما نجاسة الجاري بذلك بل جميع المياه فلا خلاف فيها ظاهرا بل في الجواهر عليها الاجماع محصلا ومنقولا كاد يكون متواترا ويدل عليها مضافا إلى النبوي وخبر الدعائم المتقدمين الأخبار المتواترة في الأولين والمستفيضة في الثالث ومن الطائفة الأولى صحيحة ابن بزيع المتقدمة ومن الثانية الصحيح المحكى عن بصائر الدرجات بسنده عن شهاب بن عبد ربه قال اتيت أبا عبد الله (ع) أسئله فابتدأني فقال إن شئت فاسئل يا شهاب وإن شئت أخبرناك بما جئت إلى أن قال (ع) جئت تسئلني عن الماء الراكد الغدير يكون فيه الجيفة أتوضأ منه أولا قلت نعم قال (ع) أتوضأ من الجانب الآخر الا ان يغلب على الماء الريح فينتن وجئت تسئلني عن الماء الراكد من البئر فما لم يكن فيه تغيرا وريح غالبة قلت فما التغير قال (ع) الصفرة فتوضأ منه وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر * (الخبر) * وذكر خصوص الصفرة لبيان اللون الحاصل من الجيفة وفي رواية العلاء بن فضيل عن الحياض يبال فيها قال لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول ويستفاد ذلك أيضا من رواية أبي بصير عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وإن لم يتغير بأبوالها فتوضأ منه وكذلك بالدم إذا سال في الماء وأشباهه فان المنصرف إلى الذهن من تغير الماء بالدم انما هو تغير لونه فمناقشة بعض المتأخرين في مستند الحكم بالنسبة إلى التغير باللون مما لا وجه لها ولا عبرة بغير الأوصاف الثلاثة كالحرارة والبرودة والثخانة وغيرها وان كان مقتضى بعض الأخبار المطلقة كفاية مطلق التغير الا انه يتعين صرفها لو لم نقل بانصرافها إلى الأوصاف الثلاثة التي هي اظهر الأوصاف للحصر المستفاد من الاخبار المتضمنة لذكر الثلاثة أو بعضها مضافا إلى عدم الخلاف فيه ظاهرا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويعتبر ان يكون التغير مستندا إلى وقوع النجاسة فيه فلا ينجس الماء إذا تغير بمجاورة النجاسة ولو وقعت بعد التغير فيه لان المتبادر من الاخبار ان يكون التغير مسببا عن ملاقاة النجس كما أن المتبادر إلى الذهن مما دل على انفعال القليل انفعاله بملاقاة النجس لا بمجاورته ولو تغير الماء بنجس بعضه في الماء وبعضه خارج عنه واستند التأثير إلى المجموع فالظاهر انفعاله لصدق تغيره بما وقع فيه ولو علم استناده إلى خصوص الخارج فالظاهر طهارته لما عرفت بل وكذا لو احتمل استناده إلى خصوص الجزء الخارج لأصالة الطهارة ولو تغير مالا ينفعل بالملاقاة كالماء العالي المتغير بسبب النجاسة المغيرة في السافل ففي انفعاله وجهان من اطلاق الاخبار ومن أن الماء العالي لقاهريته على السافل وتدافعه لا يعد جزء منه ينظر العرف بل هو بحكم المنفصل عنه فلا يصدق في الفرض عرفا انه تغير بما وقع فيه ولذا لو كان قليلا لم ينسبق إلى الذهن انفعاله بملاقاة السافل للنجس فتغيره بما وقع في السافل بمنزلة التغير بالمجاورة بل هو هو فالاخبار منصرفة عنه وهذا الوجه أقوى وان كان الأول أحوط ثم إن المعتبر انما هو تغير الماء بأثر النجاسة ولو في ضمن المتنجس لا تغيير عين النجاسة للماء لان هذا الفرض فلما يتحقق له مصداق في الخارج لان الغالب انه ينفعل ما حول النجاسة منها أولا ثم ينتشر المتنجس فيما عداه وكيف كان فيكفي في الحكم بانفعال الماء الذي تغير بسبب وقوع النجاسة فيه ولو في ضمن المتنجس اطلاقات الأدلة نعم لا عبرة بتغيره بأوصاف المتنجس كما لو تغير طعم الماء بالدبس النجس ونحوه كما عن المشهور خلافا للمحكى عن ظاهر الخلاف والمبسوط والمعتبر والتحرير ولا يظن بمن نسب إليه الخلاف ارادته ذلك لان عبائرهم المحكية غير متضحة المفاد قابلة للتوجيه القريب كما لا يخفى على من تأمل فيها وكيف كان فيكفي في ضعفه انصراف الأدلة عنه بل ظهور صحيحة ابن بزيع في إرادة التغير بأوصاف النجس كما لا يخفى المتأمل * (واما) * النبوي المشهور فقد يتوهم ظهوره في العموم وفيه أن كون التغير بالأوصاف الأصلية التي للمتنجس مؤثرا في تنجس الماء تعبدا بعيد عن الذهن فيستبعد ارادته من المطلقات فيمنعها عن الظهور في إرادة ما عدا أعيان النجاسات * (والحاصل) * ان عدم المناسبة بين التغير بأوصاف المتنجس الذي اكتسب نجاسته بملاقاة النجس وبين تنجس الماء الذي يتوقف نجاسته على منجس قوى ولا ينفعل بملاقاة النجس مانع عن ظهور الرواية في شمول مثل الفرض بل هي منصرفة عنه كانصراف ما عن التغير بالأشياء الطاهرة والله العالم * (وهل) * يعتبر في انفعال الماء استيلاء النجاسة عليه بظهور أوصافها فيه أم يكفي تغير الماء بوقوعها فيه ولو بحدوث صفة أخرى مغايرة لصفتي الماء والنجاسة وجهان أظهرهما الثاني لان المستفاد من أكثر الاخبار إناطة الحكم بتغير الماء لا بظهور أوصاف النجاسة فيه وقيل في تقريب الوجه الأول بان المتبادر من التغير التغير بلون النجاسة ورد بان الانصراف بدوي منشأه غلبة الوجود والأولى منع الانصراف وانما ينصرف إلى الذهن انصرافا بدويا في خصوص النجاسات التي يكون تغير الماء بها مسببا عن تفرق اجزائها واما في مثل الميتة ونحوها مما يؤثر في تغير لون الماء وطعمه بالخصية كما هو أغلب موارد الاخبار فليس فيها انصراف أصلا بل لا يلتفت الذهن إلى اتحاد وصفيهما نعم بالنسبة إلى التغير بالريح لا يبعد الانصراف البدوي [مط]
(١٠)