نظرا إلى اطلاق الأخبار الدالة على اعتبار الأوصاف المقيدة بالامكان فان الأصفر وجد في زمان أمكن كونه استحاضة والأسود اللاحق وجد في زمان امتنع كونه حيضا الا على تقدير كون الأصفر المتخلل حيضا وحيث إن الأصفر طهر بمقتضى اطلاق الأدلة فالأسود اللاحق ليس بحيض * (وببيان) * آخر اعتبار وصف الدم اللاحق موقوف على عدم اعتبار صفة الدم السابق فلو كان عدم اعتبار صفة السابق موقوفا على اعتبار صفة اللاحق لزم الدور وبعبارة ثالثة صيرورة الأسود اللاحق فردا للعمومات المعتبرة للصفات موقوفة على خروج الأصفر المتقدم عليه من تحتها وخروجه موقوف على كون الأصفر فردا وهو دور واما إذا لم يكن كون المجموع حيضة واحدة فقد يقوى في النظر كون الأسود الأول حيضا وما عداه استحاضة مطلقا سواء أمكن كون بعض الأسود الثاني مع الأول حيضة واحدة بان كان قبل مضى العشرة من يوم رأت الدم الأول أم لا وسواء قلنا بان الحكم بكون الأصفر المتخلل استحاضة لوجود علامتها أو لعدم صلاحيته للحيض اما على تقدير امتناع كون بعضه من الحيضة الأولى فلان الامر يدور بين كون الأول حيضا أو الثاني وقد عرفت انفا ان المتعين في مثل الفرض هو الحكم بحيضيته الأول دون الثاني الذي يتوقف حيضيته على عدم شمول الأدلة للأول الذي لا مانع من كونه مشمولا لها حين تحققه واما على تقدير امكان كون بعضه من الحيضة الأولى فان قلنا بان الحكم بكون الأصفر استحاضة لوجود اماراتها لا لفقد علامة الحيض فقد اتضح وجه عدم كون الثاني جزء من الأول وكونه استحاضة من الحكم بذلك في الفرض السابق الذي أمكن كون المجموع حيضة واحدة مع أن امره اخفى مما نحن فيه * (وان) * قلنا بأنه لفقد علامة الحيض كما ليس بالبعيد فالامر أيضا كذلك وان كان تصوره لا يخلو من غموض نظرا إلى ما ربما يتوهم من أن مقتضى عموم ما دل على اعتبار الأوصاف الحكم بحيضية الأسود [مط] الا فيما امتنع كونه كذلك وهو ليس إلا ما زاد من العشرة واما ما يتم به العشرة فلا مانع من أن يكون حيضا فهو حيض بمقتضى العمومات فالأصفر المحفوف بالأسودين أيضا كذلك لكون سواد الطرفين امارة لحيضية الوسط * (و) * يدفعه ان فرض شمول ما دل على اعتبار الأوصاف للدم الثاني وجعل بعضه من الحيضة الأولى يستلزم خروجه من مورد اخبار التميز لأن المرأة [ح] بمنزلة من رأت دما مستمرا على هيئة واحدة إلى أن تجاوز العشرة فتكليفها الرجوع إلى عادة النساء أو الاخبار والرجوع إلى عادة النساء أو الاخبار موقوف على عدم اختلاف دمها لونا والمفروض خلافه فلا مانع من شمول ما دل على اعتبار الأوصاف الأسود الأول وانما المانع عن شموله للأسود الثاني حيث يلزم من وجوده عدمه فلا يمكن ان يعمه هذا ولكن لا يبعد ان يقال إن اخبار التميز لا تشمل مثل الفرض بل وكذا الفرض السابق * (وغاية) * ما يمكن استفادته منها انما هو جعل حيضها من الأسود واما كون الأسود الأول أو الثاني حيضها فلا نظير الخبرين المتعارضين الذين لا يمكن ان يعمهما أدلة حجية الخبر الا من حيث الدلالة على نفى الثالث فهي فاقدة للتميز من هذه الجهة فترجع في تشخيص أحد الأسودين إلى عادة أهلها أو الاخبار إن أمكن والا فالتميز أو التخيير مطلقا كما سيأتي تنقيحه في نظائر المقام مما كان للحيض جهة امتياز واختلاط من حيث الوقت أو العدد فليتأمل وليعلم انه كثيرا ما يتمسك في جملة من هذه الفروع كالحكم بكون الأسودين الحافين بالأصفر حيضا بقاعدة الامكان * (وفيه) * ان القاعدة انما يعتنى بها في الموارد التي لو خليت المرأة ونفسها لا تعتني بسائر الاحتمالات بان كان شكها في كون الدم ليس بحيض بدويا غير مسبب عن سبب محقق واما في مثل هذه الفروض مما علم وجود كل من الدمين واختلط أحدهما بالاخر وتحيرت المرأة في امرها وتشخيص كل منهما من الاخر فلا كما يظهر وجهه بالتدبر فيما أسلفناه في تحقيق قاعدة الامكان * (تنبيه) * لا اشكال في حصول التميز بأوصاف الحيض والاستحاضة المنصوصة في النصوص المعتبرة كالسواد والحرارة والدفع وأضدادها واما غيرها كالغلظة و النتن فربما يستشكل في الاعتماد عليها لكن ظاهر كلمات غير واحد منهم حصول التميز بها بل كونها مثل المسلمات حيث قالوا إن القوة والضعف تحصل بصفات ثلاث * (الأولى) * اللون فالأسود قوى الأحمر وهو قوى الأشقر وهو قوى الأصفر والا كدر كما عن النهاية وزاد في المسالك ان الأصفر قوى الا كدر * (الثانية) * الرائحة فذو الرائحة الكريهة قوى قليلها وهو قوى عديمها * (الثالثة) * الثخانة فالثخين قوى الرقيق وفي طهارة شيخنا المرتضى [ره] ويلزمهم ملاحظة مراتب الصفات فالأشد سوادا أو حرارة أو ثخانة قوى ما دونه وذكروا ان ذا الوصفين قوى ذي الواحد إذا لم يكن أقوى منهما * (ولعل) * هذا كله لما يستفاد من الاخبار من أن العبرة تقوة الدم وضعفه عند اشتباه الحيض بالاستحاضة كما يشعر به بل يدل عليه التعبير عن ذلك في المرسلة بالاقبال والادبار وقوله (ع) دم الحيض اسود يعرف وقوله (ع) دم الحيض ليس به خفاء فان الظاهر من وكوله إلى الوضوح مع أنه لا يتضح عند العرف ولا يمتاز عن الاستحاضة الا بالقوة والضعف [مط] لا خصوص ما نص عليه في الروايات ان العبرة في التميز بمطلق الامارات المختصة بالحيض غالبا الكاشفة عند العرف عن الحيض كشفا ظنيا لا ان العبرة بمطلق الظن حتى يلزمه اعتبار الظن ولو من غير الصفات وهو باطل اجماعا * (انتهى) * وقد نبهنا على ما استظهره من الروايات في غير مورد مما تقدم وهو لا يخلو من قوة خصوصا بعد اعتضاده بفهم الأصحاب فعلى هذا لو انحصر الدم في القوى والأقوى وتعارضا يرجح الأقوى ولكن الانصاف انه لا يخلو من اشكال إذا قلما لا يتفاوت الدم في الشهر والشهرين من حيث المرتبة فعلى أي مورد يحمل الاخبار الامرة بالتحيض في كل شهر سبعا أو أقل أو
(٣٠٥)