التي اعتبرها الشارع لا ينافيه هذه الأدلة فليتأمل وحيث إن الأظهر عدم جواز إلغاء الأوصاف بالمرة في هذه الفروض فالكلام يقع في مقامين الأول انها لو رأت بصفة الحيض أقل من ثلاثة أو أكثر من العشرة فهل تقتصر في جعل الأصفر حيضا بما يكمل به أقل الحيض أي الثلاثة وكذا تبنى على كون الأسود استحاضة في المقدار الذي يمتنع كونه حيضا أعني ما زاد على العشرة أو انها من هذه الجهة فاقدة التميز فتكليفها الرجوع إلى عادة أهلها والى الروايات على التفصيل الآتي وجهان أوجههما الثاني ويظهر من كاشف اللثام اختيار التفصيل بين الزايد والناقص قال في الكشف انه هل يفيد أي الناقص والزايد التحيض ببعض الثاني وبالأول مع اكماله بما في الاخبار أو بعادة النساء قطع الشيخ بالأول فقال فإذا رأت أولا دم الاستحاضة خمسة أيام ثم رأت ما هو بصفة الحيض باقي الشهر يحكم في أول يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة أيام بأنه حيض وما بعد ذلك استحاضة وان استمر على هيئة جعلت بين الحيضة الأولى والحيضة الثانية عشرة أيام طهرا وما بعد ذلك من الحيضة الثانية ثم على هذا التقدير وفي المعتبر والتذكرة والمنتهى والتحرير انه لا تميز هنا ولا يبعد عندي ما ذكره الشيخ ولا التحيض بالناقص مع اكماله لعموم أدلة الرجوع إلى التميز انتهى ولا يخفى عليك ان كلامه في تحرير النزاع غير مهذب فان النزاع يقع أولا في أنه هل يفيد اختلاف الوصف التميز في الفرض أم لا وعلى تقدير الإفادة هل يرجع في تكميل الناقص وتنقيص الزائد إلى الروايات أم يقتصر في رفع اليد عن أوصاف كل من الدمين على قدر الضرورة أم يفصل بين التنقيص والتكميل فيقتصر في رفع اليد عن أوصاف الحيض على قدر الضرورة ولا يعتنى بأوصاف الاستحاضة في مقام التكميل بل يرجع إلى ما في الاخبار أو عادة النساء وربما يستشعر من كلامه المتقدم انه زعم أن هذا التفصيل هو من لوازم القول بالإفادة وكيف كان فيرد عليه ان الرجوع إلى عادة النساء أو الاخبار في الزائد كما في فرض الشيخ أوضح وجها من الرجوع إليهما في الناقص وان كان ذلك هو المتجه في الجميع اما في الزائد فلان ما رأته في أول الشهر بصفة الاستحاضة في الفرض الذي فرضه الشيخ فقد علم من اخبار التميز انه ليس بحيض كما هو المفروض فينحصر مورد اختلاط حيضها بالاستحاضة بما عدا أيام الصفرة فتكون المرأة بمنزلة من رأت الدم ابتداء أزيد من عشرة أيام على هيئة واحدة فكما يفهم من الاخبار ان تكليفها هو الرجوع إلى عادة النساء أو الاخبار كذلك في الفرض وكون الدم في الفرض مسبوقا بدم معلوم الحال لا يوجب اختلاف مؤديات الأدلة بالنسبة إلى سائر الأيام التي اختلط فيها حيضها بالاستحاضة كما هو ظاهر واما في الناقص فلانه لم يعرف من اخبار التميز الا كون اليومين مثلا حيضها في الجملة وهذا المقدار من المعرفة لا يوجب خروجها من موضوع الاخبار الامرة بالرجوع إلى عادة النساء أو الاخبار عند عدم معرفة حيضها بعادة أو امارة وعلى تقدير انصراف الاخبار عن مثل الفرض يفهم حكمه منها عرفا كما يفهم منها حكم جملة من الموارد التي لا ينسبق إلى الذهن ارادتها من تلك الروايات ووجهه ما أشرنا إليه من أن هذه الأخبار ليست تعبدية محضة بل مناطها أمور مغروسة في الأذهان فلذا يفهم عرفا منها حكم جملة عن الموارد التي لا يبعد دعوى انصرافها عنها موضوعا والله العالم وقد اعترض على ما استظهراه من عدم جواز إلغاء الأوصاف بالمرة وانها يرجع إلى عادة النساء في تكميل الناقص أو تنقيص الزائد بأنه ربما يكون ما رأته بصفة الحيض في أول الشهر وعادة النساء في آخره * (ويتوجه) * عليه النقض بما لو رأت الدم أول الشهر واستمر بها على صفة واحدة إلى أن تجاوز العشرة ثم انقطع فان مقتضى اطلاقهم الرجوع إلى عادة نسائها في الفرض وما نحن فيه ليس إلا من هذا القبيل وحله ان الرجوع إليهن مشروط بالامكان ففي مثل الفرض لا يمكن الرجوع إليهن من حيث الوقت حيث إن الرجوع إلى التميز بالأوصاف مقدم بالرتبة على الرجوع إلى عادة النساء فيكون ما رأته بعد مجاوزة العشرة بمنزلة ما لو انقطع الدم عنها بمقتضى ما دل على اعتبار الأوصاف [فح] إن أمكن الرجوع إلى عادة النساء من حيث العدد فهو والا فهي فاقدة للتميز من هذه الجهة أيضا فتكليفها الرجوع إلى الاخبار التعبدية التي هي بمنزلة الأصول العملية * (المقام الثاني) * ما لو رأت بصفة الاستحاضة أقل من العشرة ولو مع النقاء بين أسودين صالحين لا ويكون كل منهما حيضا بحيث لو كان الأصفر عشرة وما زاد لحكمنا بحيضية كل من الأسودين بمقتضى اطلاق النصوص والفتاوى الامرة بالرجوع إلى الأوصاف [فح] يقع الكلام تارة فيما أمكن كون مجموع الأسودين مع الصفرة المتخللة حيضة واحدة بان لم يتجاوز المجموع عشرة وأخرى فيما لا يمكن ذلك بان تجاوز العشرة اما إذا أمكن فهل يحكم بكون المجموع حيضة واحدة فيتبعهما الأصفر أو يحكم بكون الأصفر استحاضة فيتبعه أحد الأسودين وجهان لا يخلو أولهما عن وجه نظرا إلى ما أشرنا إليه من أن سوق اخبار التميز ولو بانضمام المؤيدات الخارجية التي نبهنا عليها عند تأسيس ما هو الأصل في كل دم ليس بحيض يشهد بأنها مسوقة لبيان تشخيص الحيض عما ليس بحيض فالحكم بكون الضعيف الذي هو الأصفر استحاضة وطهرا انما هو لعدم صلاحيته للحيض من حيث تخلفا ما رأته فإذا تحقق امارة الحيض في الطرفين فهي العلامة لحيضيته الوسط ولو نوقش في ذلك وقيل بان ظاهر الاخبار كون الصفرة علامة الاستحاضة كما أن الحمرة والسواد علامة الحيض فالحكم بكون الأصفر استحاضة انما هو لوجود علامتها لا لثبوت عدم كونه حيضا لكان المتجه الحكم بكون الأصفر استحاضة وكون الأسود اللاحق تابعا له
(٣٠٤)