يحتمل قويا إرادة العموم وكون الرواية مسوقة لضرب قاعدة كلية يستفاد منها حكم العجب وغيره وهي ان طواري القلب [مط] ما لم تكن منافية للاخلاص حال الشروع غير مضرة وتخصيص اعتبار الاخلاص بأول الصلاة لا لعدم اعتباره فيما عداه كيف وهو معتبر فيها مطلقا بل لأجل ان الباعث على اتمام العمل غالبا ما كان باعثا على الشروع وما يدخله بعد ذلك ويظن ان له مدخلية في الفعل من وساوس الشيطان كما يشعر به قوله بعد ذلك وليخش الشيطان فلا تعارض ما دل على اعتبار الاخلاص في تمام العمل حتى يحتاج إلى الجمع والترجيح بين الاخبار هذا مع أن الاعتماد على مثل هذا الاحتمال مشكل بعد كون الكلام محفوفا بما يصلح ان يكون قرينة لإرادة الخصوص * (واما الكلام) * في حرمة العجب شرعا فملخصه انى لا اراده فعلا اختياريا مسبوقا بالعزم والإرادة حتى يصح تعلق التكليف به فهو وان كان أشد تأثيرا في البعد عن رحمة الله [تعالى] من الحرام كما يشهد به غير واحد من الاخبار كغيره من الاخلاق الرذيلة كحب الدنيا والحسد والبخل الا انه غير محرم شرعا كنظائره والأخبار الواردة فيه أيضا لا يكاد يظهر منها أزيد من ذلك فالبحث عنه ليس شأن الفقيه بل هو من مسائل علم الاخلاق واما عدم كونه فعلا اختياريا فلانه اعتقاد يتولد من ضم صغرى وجدانية إلى كبرى قطعية عقلية أو نقلية كفضيلة صلاة الليل أو الصلاة في أول وقتها أو كون الامر مقتضيا للاجزاء وعدم تعقل التقصير في الإطاعة بعد موافقة المأتي به للمأمور به وكعدم مساواة الجاهل والعالم وان العبد المطيع خير من العاصي إلى غير ذلك من الكبريات الصادقة التي لو وجد شيئا منها في شخص اخر للزم عليه عقلا وشرعا الاذعان بجلالة قدره وان له عند الله شأنا من الشأن فلو أحس بشئ منها من نفسه لا يمكن تكليفه بوجوب اذعانه بخلاف ما ينتج القضية وان كان منشأ الاستنتاج الجهل والغرور بمعنى ان العارف بجلالة الله [تعالى] البصير بمهانة نفسه لا يلتفت الا إلى نقائصه وتقصيره في الطاعة وحاصله ان الانسان الكامل ينظر إلى نفسه بعين السخط إلى إخوانه المؤمنين بعين الرضا ولذا يتبرك بدعائهم ويتشرف بصحبتهم لا انه بعد احراز الكمال من نفسه على سبيل القطع يجب عليه أن لا يعتقد بما ينتجه القضية لان التكليف بعدم الاعتقاد غير معقول فلو تعلق به خطاب بظاهره يدل على ذلك لوجب صرفه وارجاعه اما إلى مباديه وهي إهمال النفس بحيث تتأثر من هذه النتائج ومرجعه إلى وجوب تزكية النفس بحيث لا تغتر بشئ منها أو إلى وجوب ازالته بعد حصوله والتفات النفس إليه بالتفكر في سوء المنقلب وغيره مما يؤثر في إزالة العجب أو غيرهما من المحامل اما التأويل الأول فمما لا يمكن الالتزام به ضرورة ان الله [تعالى] لم يكلف عامة عباده على سبيل الحتم والالزام بتحصيل هذه المرتبة عن الكمال بل من رحمته الواسعة انه سلط على من أحبه النوم ومنعه من فعل ما يحبه من العبادة حفظا له من أن يدخله العجب كما في بعض الأخبار ولم يكلفه ابتداء باعتصام نفسه عن ذلك * (واما) * التوجيه الثاني فغير بعيد لو لم يكن وجه أقرب منه كحمل الخطاب على الارشاد والمبالغة في المبغوضية أو حمل النهى على نفى إظهاره أو ترتيب الآثار العملية عليه وغيرها من المحامل كمالا يخفى وكيف كان فللعجب مراتب وعلى تقدير الالتزام بحرمته أو كونه مفسدا للعبادة لا بد من تخصيص الحكم ببعض مراتبه الظاهر المنسبق إلى الذهن لا مطلقا بحيث يعم بعض مراتبه الخفي الذي لا ينفك عنه الا الأوحدي من الأكياس الذين لا ينال أدنى درجاتهم خواص الأبرار والله العالم * (المقام الثالث) * فيما لو ضم المتوضئ إلى نية القربة إرادة حصول امر راجح شرعا من حيث كونه كك فلا تأمل في صحة وضوئه ما لم يكن الوضوء تابعا في القصد بالمعنى المتقدم في الضميمة التبعية بل عن المدارك عدم الخلاف في الصحة هنا وعن شرح الدروس الاتفاق عليه ووجهه عدم منافاة الضميمة الراجحة للاخلاص المعتبر فيه لان تصادق العناوين الراجحة على الفرد موجب لا كدية طلبه وكونه أفضل افراد المأمور به ولذا لا يرتاب أحد في أن التصدق على الفقير العالم المؤمن ذي الرحم أفضل من فاقد هذه الأوصاف إذا نوى المتصدق بتصدقه اكرام العالم وسرور المؤمن ومواصلة ذي الرحم ومقتضى كون الفرد المأتي به مصداقا للأوامر المتعددة حصول امتثال الجميع لو قصد الفاعل بفعله امتثال الكل فيستحق باختياره هذا الفرد مزيد الأجر والثواب كما أن لازمه سقوط الأوامر المتعلقة به على تقدير كونها توصلية [مط] ولو لم يقصد بايجاده امتثال الجميع مثل ما لو وجب عليه الغسل و إزالة النجاسة عن بدنه لو لم نشترط في صحة الغسل طهارة البدن فيسقط الامر بالإزالة قهرا بغسله ولو لم ينو امتثاله نعم حصول الإطاعة واستحقاق الاجر موقوف على القصد كما في التعبديات وليعلم انه لا دخل لما نحن فيه بمسألة تداخل التكاليف التي اختلفوا فيها كما قد يتوهم وسيجئ التعرض لبيانها في مسألة توارد الاحداث وتداخل الأغسال بماء يرتفع به غشاوة الأوهام [انش] واما إذا كان الوضوء تابعا في القصد بان لا يكون سببا للفعل ولا جزء من السبب فلا يصح لتوقف الإطاعة على قصد الامتثال بالفعل وهو منتف في الفرض لما عرفت فيما سبق من أن القصد التبعي بالمعنى المذكور ليس إرادة حقيقية بل هو من مقولة المحبة والشوق والله العالم * (واما وقت) * النية في الوضوء فعلى ما نسب إلى المشهور من أنها هي الإرادة التفصيلية المقارنة للفعل فهو حين الاشتغال بأول جزء من اجزاء
(١٢٣)