الحائض والجنب القران وصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام عن قراءة القرآن للحائض والجنب والرجل يتغوط فقال (ع) يقرأون ما شاؤوا وحسنة إبراهيم عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال يقرء الحائض القران والنفساء والجنب أيضا * (واما) * ما رواه الصدوق عن أبي سعيد الخدري في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) أنه قال يا علي من كان جنبا في الفراش مع امرأة فلا يقرء القرآن فانى أخشى ان تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما فهي مع ضعف سندها واعراض الأصحاب عنها وكون راوية من العامة مع موافقتها لمذهبهم على ما قيل لا تصلح للاستناد إليها فضلا عن تخصيص الأخبار الكثيرة المعتبرة بها أو جعلها معارضا لها نعم لا بأس بالعمل بها في خصوص موردها وحملها على الكراهة مسامحة في أدلتها بل لا بأس بالقول بالكراهة مطلقا من باب التسامح لرواية السكوني عن الصادق عن ابائه عن علي عليهم السلام قال سبعة لا يقرؤن القران الراكع والساجد وفي الكنيف وفي الحمام والجنب والنفساء والحائض واما مستند التفصيل بين ما دون السبع وما زاد عليها فما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سئلته عن الجنب هل يقرء القران قال ما بينه وبين سبع آيات فيحمل النهى عما زاد على السبع على الكراهة لعدم امكان تقييد تلك الأخبار المطلقة بمثل هذه الرواية لا للمناقشة في سندها أو وهنها باعراض الأصحاب عنها واستفاضة نقل الاجماع على خلافها بل لعدم امكان تخصيص تلك العمومات التي كادت تكون صريحة في العموم بالسبع وما دونها فان هذا النحو من التخصيص مما لا يكاد يشك في مخالفته لما أريد من مثل هذه العمومات هذا مع ضعف ظهورها في إرادة حرمة ما زاد على السبع بل امكان منعه كمالا يخفى وجهه على المتأمل مضافا إلى معارضتها بما رواه الشيخ عن زرعة عن سماعة قال ما بينه وبين سبعين ويحتمل كونهما حديثا واحدا وقد حصل الاضطراب في المتن أو الاشتباه في الرواية ولكنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذا الاحتمال المخالف للأصل فمقتضى القاعدة كونها رواية مستقلة ومقتضى الجمع بينها وبين السابقة هو الالتزام بكراهة ما زاد على السبع وأشد من ذلك قراءة ما زاد على السبعين بل نفسها على احتمال ولا يبعد ان يدعى لأجل المناسبة الظاهرة بين الحكم والموضوع ان ما زاد أغلظ كراهة والله العالم ثم إنه ربما يظهر من بعض ان المراد من كراهة القراءة كونها أقل ثوابا لكونها من العبادات فلا يعقل كراهتها بالمعنى المصطلح * (وفيه) * مع ما فيه من مخالفة هذا التوجيه لما يفهم عرفا من النواهي المطلقة المتعلقة بالعبادات ان ذلك انما يتمشى في العبادات التي لها بدل كما لو نهى عن اتيان صلاة الظهر مثلا في الحمام ارشادا إلى اتيانها في غير الحمام مما يكون ايجادها فيه اصلح بحال المكلف وأكثر ثوابا واما فيما لا بدل لها كالصوم في السفر والصلوات المبتدئة وقراءة القرآن للحائض والجنب وغيرها من العبادات التي يدور الامر بين الفعل وتركها رأسا فلا مصحح لاطلاق النهى الموجب لتفويت هذا المقدار القليل عن الثواب مع كون الفعل في حد ذاته محبوبا لله ومأمورا به هذا مع أن هذا التوجيه انما يمكن ارتكابه فيما إذا انحصر وجه العمل بكونه عبادة والا للزم استعمال لفظ النهى في معنيين بالنسبة إلى مورد كونه عبادة وبالنسبة إلى سائر الموارد والظاهر أن قراءة القرآن من هذا القبيل اللهم الا ان يدعى انصراف النهى إلى الافراد المتعارفة التي توجد بقصد الثواب وقال شيخنا [قده] في جواهره هل المراد بالكراهة هنا كراهة العبادة بمعنى أقلية الثواب أو المرجوحية الصرفة لا يبعد الثاني فان الأول لا يرتكب الا في الشئ الذي لا يمكن ان يقع الا عبادة فنلتزم [ح] بذلك ودعوى أن القراءة من هذا القبيل ممنوعة انتهى * (أقول) * قد عرفت أن الالتزام بالمعنى الأول ولو على تقدير كون القراءة ممحضة في العبادة مشكل ولكن الالتزام بالمرجوحية الصرفة أعني الكراهة المصطلحة أشكل ووقوعها غير عبادة لا يصحح إرادة الكراهة بهذا المعنى من النص وفتاوى الأصحاب لان مقتضاها حرمة ايجادها بقصد الثواب المتوقف على قصد الإطاعة لكونها تشريعا مع أن اتيانها بهذا الوجه هو القدر المتيقن ارادته من النصوص الدالة على الجواز ومعاقد اجماعاتهم بل يمكن ان يدعى انصرافها إليه بالخصوص لأنه إذا قيل للجنب والحائض يفتحان المصحف ويقرأن من القران ما شاء الا السجدة لا يفهم منه الا انه يجوز لهما قراءة القرآن على الوجه الذي كانا يقرأنه في سائر الأحوال والعادة قاضية بأنهما لم يكونا يقرأن في القران سائر الأحوال بعنوان انه فعل من أفعالهما المباحة فكيف يمكن تنزيل هذه الأخبار الكثيرة المطلقة على إرادة مثل هذا الفرض مع أنه في بعض تلك الأخبار قارن القراءة بذكر الله الذي هو حسن في كل حال والذي يحسم مادة الاشكال ويتضح به حقيقة الحال فيما هو من نظائر المقام هو ان النهى في مثل هذه الموارد لم يتعلق بالعبادة لذاتها حتى يكون فعلها مبغوضا ومشتملا على منقصة مقتضية لطلب الترك كتوهين القران مثلا فيما نحن فيه حتى يمتنع كونها عبادة وانما تعلق الطلب بتركها لأجل كون الترك ملزوما لعنوان وجودي راجح يكون مراعاته أهم بنظر الشارع من المصلحة المقتضية لطلب الفعل فإنه كثيرا ما يتعلق الطلب بترك شئ ولكن المقصود منه ليس إلا الامر بايجاد ما يلازم هذا الترك من الأفعال الوجودية كما لو نهى المولى عبده عن الخروج ولم يتعلق غرضه الا بالبقاء لحفظ متاعه لا لكون الخروج في حد ذاته مبغوضا لديه بل ربما يكون الخروج في قضاء بعض حوائجه المهمة أيضا محبوبا لديه ولكنه ترك الامر به مراعاتا لحفظ المتاع الذي هو أهم في نظره قناط الطلب في الخروج أيضا مورد ولكنه ليس للمولى ان يطلب منه الخروج طلبا مطلقا لا للزوم اجتماع الامر والنهى في الواحد الشخص الذي طبق العقلاء على استحالته لا في المفروض ان المراد من النهى عن الخروج ليس إلا الامر بالبقاء لا بمعنى ان النهى استعمل في
(٢٣٨)