وجه لا يحتاج ثانيا إلى استعمال المستعمل بان يبلل يده ويمسح بها سائر جسده على وجه يحصل به أقل مسمى الغسل المعتبر عنه بالأذهان وعليه ينزل صدر الرواية لا المسح الحقيقي حتى يخالف النصوص والفتاوى ولا شبهه في أن الماء الذي يصرف في الغسل بهذه الكيفية أقل مما يصرف فيه بالكيفية المذكورة في الرواية فليس المراد من عدم الكفاية لا بحسب المتعارف لا الضرورة التي تبيح المحظور هذا مع أنه لم ينقل التفصيل في المسألة إلا عن ظاهر الصدوق والشيخ عند تعرضه للجمع بين الاخبار بل عن بعض المستدلين بالصحيحة دعوى عدم القول بالفصل ومما يؤيد القول بالجواز ما عن الغوالي عن ابن عباس قال اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله في جفنة فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله ان يتوضأ منها فقالت يا رسول الله انى كنت جنبا فقال (ع) ان الماء لا يجنب وعن الأمالي عن ميمونة قالت اجتنبت فاغتسلت من جفنة وفضلت فيها فضلة فجاء رسول الله فاغتسل منها قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انها فضلة منى أو قالت اغتسلت فقال صلى الله عليه وآله ليس للماء جنابة وهذه الرواية وان كان موردها الفضلة بحسب الظاهر لكن التعليل لو لم نقل بالدلالة فلا أقل من اشعاره بان الماء لا يتأثر من مباشرة الجنب وقد استدل للجواز أيضا بالاخبار الكثيرة التي لا يخلو دلالتها عن نظر وكيف كان فقد اتضح لك ان الجواز هو الأقوى * (و) * لكن الأحوط المنع من استعماله عند التمكن من غيره واما عند الانحصار فمقتضى الاحتياط الجمع بينه وبين التيمم والله العالم * (تنبيه) * لا ينبغي الاشكال على القول بالمنع في القطرات المنتضحة من بدن المغتسل أو الأرض في الاناء بل في كل سير من الماء المستعمل الممتزج بما يضمحل فيه بحيث لا يصدق عليه الماء المستعمل عرفا وليس العبرة هنا بالاستهلاك المرادف للاستحالة حتى يدعى استحالته في المتجانسين بل المدار على ذهاب الاسم الموجب لعدم شمول أدلة المانعين له ويدل على نفى البأس عما يستهلك مضافا إلى الأصل واطلاقات الأدلة الصحاح المستفيضة * (منها) * صحيحة الفضيل قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يغتسل فينتضح من الأرض في الاناء قال (ع) لا بأس هذا مما قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج وصحيحة شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الجنب يغتسل فيقطر عن جسده في الاناء وينتضح الماء في الأرض فيصير في الاناء انه لا بأس بهذا كله * (و) * صحيحة عمرو بن يزيد قلت لأبي عبد الله (ع) اغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة فيقع في الاناء ما ينزو من الأرض فقال لا بأس به * (و) * في ما رواه سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في كيفية الغسل بعد أن امره بغسل كفيه وفرجه وغيرهما من التفاصيل قال (ع) فما انتضح من مائه في انائه بعد ما صنع ما وصفت لك فلا بأس وقد استدل المجوزون بهذه الاخبار أيضا لمذهبهم وفيه أن المانعين بحسب الظاهر يلتزمون بمفادها فلا تكون حجة عليهم * (و) * لكن الانصاف انها من المؤيدات القوية لهذا القول خصوصا الأخيرة منها فإنها تصلح قرينة لتعيين ما أريد من الاخبار التي استدل بها المانعون والله العالم الطرف الثالث في الأسئار بالهمزة بعد السين جمع سور وهو لغة الفضلة والبقية كما عن القاموس وعن الجوهري البقية بعد الشرب وفي المجمع عن المغرب وغيره هو بقية الماء التي يبقيها الشارب في الاناء أو الحوض ثم استعير لبقية الطعام * (وفيه) * أيضا وقد يقال في تعريفه السؤر ما باشره جسم حيوان وبمعناه رواية ولعله اصطلاح وعليه حملت الأسئار كسؤر اليهودي والنصراني وغيرهما انتهى وقيل إنه في عرف الفقهاء ماء قليل لاقى جسم حيوان ولعله أراد بيان مرادهم من لفظ السؤر الواقع في باب المياه قال شيخنا المرتضى [ره] والأولى ابقاء السؤر حتى في هذا المقام على معناه العرفي واشراك غيره معه في الحكم الثابت له شرعا وظاهرهم اعتبار العلة في الماء والذي يستفاد من الاخبار اطلاقه على الكثير مثل قوله (ع) ولا يشرب سؤر الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا استسقى منه وهو أيضا ظاهر التذكرة و المحكى عن الهداية * (انتهى) * قول دعوى انصراف ما يدل على كراهة استعمال بعض الأسئار عن الكثير الجاري غير بعيدة ومما يدل على أن السؤر في الاخبار يطلق على الأعم من تعبية الشراب ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام في سؤر الهرة ان الهر سبع ولا بأس بسؤره وانى لاستحى من ربى ان ادع طعاما لان الهر اكل منه * (وعن) * النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي انه صلى الله عليه وآله نهى عن اكل سؤر الفارة والظاهر من بعض الأخبار عدم اختصاصه بمباشرة الفم كموثقة العيص عن الصادق (ع) عن سؤر الحايض قال توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يديها قبل أن تدخلهما الاناء * (وهي) * أي الأسئار الحيوانات كلها طاهرة عدا سؤر ما كان نجس العين أي الكلب والخنزير والكافر اما طهارة سؤر ما عدا المذكورات فهي التي يقتضيها القواعد الشرعية من دون فرق بين كونه مما يؤكل لحمه أولا يؤكل ويدل عليها مضافا إلى الأصول المعتبرة جملة من الاخبار الآتية التي يفهم منها طهارة سؤر كل ما كان ظاهر الجسد واما نجاسة سؤر الكلب وأخويه فلأنها من اثار نجاستها شرعا كما ورد التعليل بها في سؤر الكلب في بعض الأخبار الآتية * (وفي) * نجاسة سؤر المسوخ تردد منشأه التردد في نجاستها ولكنك ستعرف [انش] في مبحث النجاسات ان الطهارة اظهر ومن عدا الخوارج والغلات من أصناف المسلمين إذا لم ينكر شيئا من ضروريات الدين طاهر الجسد والسؤر وسيأتي في محله أنشأ الله وعن المبسوط والسرائر والمهذب انكار
(٧٠)